إمام أهل المدينة في الفقه، وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة.
لم يقتصر علمه على الفقه الذي ذاع صيته فيه وعرف به، بل امتدّ إلى علم العربية لغة ونحواً؛ فترجم له أبو المحاسن التنوخيّ المعري في كتابه "تاريخ العلماء النحويين من البصريين والكوفيين وغيرهم"واقتصر على ذكر سنة وفاته.
وذكره القفطيّ في "إنباه الرواة"في ترجمة ابن هرمز، وقال:"يروى أن مالك بن أنس إمام دار الهجرة - رضي الله عنه - اختلف إلى عبد الرحمن بن هرمز عدة سنين في علم لم يبثه في الناس، فمنهم من قال: تردّد إليه لطلب النحو واللغة قبل إظهارهما، وقيل كان ذلك من علم أصول الدين وما يُرَد به مقالة أهل الزيغ والضلالة".
والراجح عندي أنه تردد عليه لطلب اللُّغة والنحو كما قيل، لأسباب منها:
أولا: أن شهرة ابن هرمز كانت في العربية.
ثانياً: أنّ حذق العربية لغة ونحواً يحتاج إلى سنوات، كما ورد في الخبر.
ثالثاً: أن إماماً في الفقه كمالك يحتاج إلى إجادة العربية لغة ونحواً؛ لأن العربية هي مفتاح نصوص التشريع من قرآن وسنة، ولذلك اشترطوا في المجتهد في الفقه أن يكون عالماً باللغة والنحو.
رابعاً: أنه لو كان علماً جديداً غير العربية تُرد به مقالة أهل الزيغ والضلالة – كما قيل - لظهر وعرفناه، لحاجة المسلمين إليه.
خامساً: أننا لا نقدّر أن يكتم أحد علمائنا علماً نافعاً كهذا الذي يرد به على أهل الضلال.
ولهذا اختار التنوخيّ القول الأول، أي أنه اختلف إلى ابن هرمز لطلب العربية، وأهمل غيره، قال:"يقال: إن مالك بن أنس كان يختلف إليه يتعلّم منه العربية".
ويبدو أنَّ مالكاً قد أجاد اللًّغة وبرع فيها حتّى تفرد عن غيره بأشياء منها ما رواه السيوطيّ عن ابن خالويه، قال:"لم يسمع جمع الدَّجال من واحد إلا من مالك بن أنس فقيه المدينة، فإنَّه قال: هؤلاء الدجاجلة".