والمسألة الأخرى لغوية في دلالة كلمةْ "السامد"ذكرها أبو الطيب اللغوي في كتابه "الأضداد"واستهلها بقوله: "ويحكي عن ابن مروان نحويّ أهل المدينة من خزاعة الغبشان أنه قال ... ".
وفي هذا النص إشارة صريحة وهي أنه ينحدر من قبيلة خزاعة وهي قبيلة قحطانية نزلت مكة وحالفت قريشاً، وكانت مواطنها بين مكة والمدينة، ومنهم بطن يقال له: الغَبشان.
١٧- عيسى بن مينا بن وردان (٢٠٥ أو ٢٢٠ هـ)
ويلقب بـ "قالون"وهو قارئ المدينة ونحويُّها، كما يقول الجزري، يقال إنه ربيب نافع، وقد اختص به كثيراً، وهو الذي سماه "قالون"لجودة قراءته.
قال الجزريّ:"قال ابن أبي حاتم: كان أصم يقرئ القرآن، ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة، وقال: وسمعت علي بن الحسن يقول: كان عيسى بن مينا قالون أصم شديد الصمم، وكان يُقرأ عليه القرآن، وكان ينظر إلى شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ".
ولما برع قالون في العربية تصدر لتعليمها، يقول ابن الباذش الأنصاريّ: إنه "كان يعلِّم العربية" وقال الذهبيّ: "تبتل لإقراء القرآن والعربية".
وهكذا يمكن القول: إن عيسى بن مينا لم يُعلّم طلابه قراءات القرآن فحسب "بل كان يعلمهم النحو - أيضاً -، وهم يجدون في دراستهم إشباعاً لميولهم واستجابة لما تعجّ به نفوسهم من حبٍّ للقرآن وقراءاته، وحرصٍ على بقاء اللُّغة بعيدة عن اللحن".
هؤلاء من توصلت إلى معرفتهم من أعلام العربية في المدينة في ذلك العصر المتقدم، ممن نص علماؤنا على اشتغالهم بالعربية أو فرع من فروعها، أو وُجد ما يدل على ذلك.
وقد برز بعضهم في النحو دون سواه مثل عليّ الجمل ومروان بن سعيد المهلبيّ.
وبرز بعضهم في القراءات والنحو مثل ابن هرمز ونافع وعيسى بن مينا.
وبرز بعضهم في التفسير واللغة مثل ابن عباس وعبد الرحمن بن أسلم.
وبرز بعضهم في الأدب ورواية اللُّغة مثل ابن دأب الليثيّ.