يقول تعالى حكاية عن لقمان وهو يعظ ابنه:{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(١) .
فمن الآيتين الكريمتين السابقتين يتضح أن الآداب المتضمنة في تلك الموعظة هي كالتالي:
١) {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاس} ينهى لقمان ابنه عن الكبر، والمعنى أن لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم، أو كلموك احتقاراً منك لهم واستكباراً عليهم، ولكن ألن جانبك وابسط وجهك إليهم. والصعر داء يصيب الإبل فيلوي أعناقها والأسلوب القرآني يختار هذا التعبير للتنفير من الحركة المشابهة للصعر حركة الكبر والازورار وإمالة الخد للناس في تعال واستكبار.
يقول القرطبي في تفسير هذه الآية:"هو أن تلوي شدقك إذا ذكر الرجل عندك كأنك تحتقره، فالمعنى: أقبل عليهم متواضعاً مؤنسا مستأنسا، وإذا حدثك أصغرهم فأصغ إليه حتى يكمل حديثه، وكذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل.
وبناء على ما تقدم يمكن القول بأن التكبر ليس من أخلاق المؤمن، فلو عرف المتكبر حقيقة نفسه أي أن أوله نطفة قذر، وآخره جيفة منتنة يخجل من نفسه، ووقف عند حده، وأخلص العبادة لربه وتواضع لخالقه، لأن الإِنسان كلما تواضع لله رفعه الله، وكلما تكبر عليه وضعه وقصمه، وفد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى بقوله: "ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله" (٣) .
وقال أيضاً: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم، قال أبو معاوية: ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر" (٤) .
كما يظهر من العرض السابق أن أولى الأخلاق التي يرغب لقمان في غرسها في ابنه عدم التكبر على الناس، والتواضع لهم.