٢) {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً ... } المرح يأتي في اللغة بمعنى شدة الفرح والنشاط. حتى يجاوز قدره، ويأتي أيضا بمعنى التبختر والإختيال فقوله:{وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً} هو بمعنى ولا تمش في الأرض مشية تبختر واختيال ولذلك ختم الله الآية بما يناسب هذا المعنى فقال: {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} أي لا يحب كل مختالٍ على الناس مستكبر عليهم بمشيته بينهم أو بإعراضه عنهم، ولا يحب كل فخور على الناس بنفسه أو بما أتاه الله من قوة أو مالٍ أو نسبٍ أو جاهٍ أو ذكاء قلب أو جمال وجه وحسن طلعة.
ولو عقل المستكبرون الذين يختالون ويمشون في الأرض مرحاً لعرفوا إن هذا العمل يصغرهم، ويقلل من شأنهم عند الله وعند الناس فالله لا يحب الذين يستكبرون على عباده ولا يحب الذين يريدون علواً في الأرض والناس أيضا يكرهون من يستكبر عليهم ويكرهون كل ظاهرة تدل على الكبر في الأنفس إذا رأوها من غيرهم.
٣) {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ... } بعدما نهى لقمان ابنه عن مشيه المرح وصعر الخد أمره بالمشية المعتدلة القاصدة، فقال تعالى على لسان لقمان:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} والقصد هنا من الاقتصاد وعدم الإِسراف وعدم إضاعة الطاقة في التبختر والتثني والاختيال ومن القصد كذلك لأن المشية القاصدة إلى هدف لا تتلكأ ولا تتخايل ولا تتبختر، إنما تمضي لقصدها في بساطة وانطلاق.
ولقد نهى الله تعالى المسلم أن يسير مسرع الخطى وهو يلهث، كما نهاه أن يبطئ في مشيه وهو خامل كسول، إنما عليه أن يتوسط في مشيه فخير الأمور أوسطها.