ويتّصل بإحياء الممات واستعماله الاشتقاق منه دون إحيائه، وهذا عنصر فعال في تنمية اللّغة، وقد أكثر العرب قديماً من الاشتقاق من ألفاظ مماته نصّ عليها بعض المعجميّن، فمن ذلك اشتقاقهم (العَدَوليَة) وهو ضرب من السّفن منسوب إلى لفظ ممات، وهو (عَدَوْلاه)[٨] .
واشتقّت العرب من (كَهَفَ) وهو فعل ممات قولهم: كَنْهَفَ عنَا، إذا تنحّى [٩] .
واشتقوا من (هَرَلَ) هَرْوَلَ هرولة [١٠] .
وقال اللغويّيون: إنّ اسم هذيل مشتقّ من فعل ممات، وهو (هَذَلَ)[١١] .
واشتقّت العرب (العذيوط) من فعل ممات، وهو (عَذَطَ)[١٢] .
ومثل هذا كثير، أوردنا منه قدراً صالحاً من الأمثلة في الباب الثاني من هذا البحث وهو يدل دلالة لا لبس فيها على أنه يجوز الاشتقاق من الممات.
ويمكن - من جانب آخر - أن يعد الممات عند موته عاملاً من عوامل نمو اللغة "فكل تجديد أو نمو في جانب يقابل بنوع من الخسائر في الجانب الآخر، واللغة في هذا تشبه الكائن الحيّ"[١٣] الذي تتجدد خلاياه مع مرور الزمن، فليس في اللغة كسب دائم من النمو يوفر لها ثراء لا يتناهى، وليس فيها جمود وثبات مطلق، فهي تحاول دائماً أن تصل إلى نوع من التوازن الدقيق، فكما "تقترض ألفاظاً من اللغات الأخرى لتسعف حاجات المتكلمين بها نراها تستغني عن ألفاظ أخرى تختفي من الاستعمال"[١٤] .
والممات بهذا المعنى يؤدي دورة في نمو اللغة، ويسهم مع سائر العوامل الأخرى في بقاء اللغة قوية قادرة على مواجهة مستجدات الحياة الفكرية والمادية، فشأنه في هذا شأن الخلية الميتة في جسم الإنسان التي تفسح بموتها المجال للخلية الجديدة الشابة ليبقى الجسم قوياً قادراً علىالحياة.
وبالجملة فإنّ الممات عامل مهمّ من عوامل نموّ اللّغة، في إماتته وفي إحيائه، ففي إماتته إفساح المجال لتنمية اللّغة وتجديدها، وفي إحيائه حقن للّغة بألفاظ أصيلة مألوفة للّغة ومقاييسها.