لعلماء العربيّة موقفان متضادّان في إحياء الممات وهم في ذلك فريقان: فريق لا يجيز إحياء الممات، وفريق يجيزه.
وممّن لا يجيزون إحياء الممات (ثعلب) فهو يَعُدُّ ماضي وَذَرَ ووَدَعَ من غير الفصيح، ولا يجوز الكلام بهما [١٥] .
ومنهم الفارابيّ إذ نقل عنه الفيّوميّ أنّه قال:"والعرب قد تميت الشيء حتّى يكون، مهملاً فلا يجوز أن ينطق به"[١٦] وهذا نصّ صريح الدّلالة.
ولا يجيز أبو عليّ الفارسيّ استعمال ما أميت من (يَدَعُ) و (يَذَرُ) لأنّ العرب رفضت ذلك واستغنت عنه [١٧] ، وعلى هذا يمكن أن يقال: إنّه يمنع إحياء الممات، قياساً على منعه إحياء ماضي يَدَعُ ويَذَرُ.
ويوافقه في ذلك تلميذه ابن جنّي في كلامه في باب القول على الاطّراد والشّذوذ، يقول:"فإن كان الشّيء شاذّاً في السّماع مطّرداً في القياس تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريت في نظيره على الواجب في أمثاله.
من ذلك امتناعك من: وَذَرَ ووَدَعَ؛ لأنّهم لم يقولوهما ولا غرو عليك أن تستعمل نظيرهما نحو وَزَنَ ووَعَدَ، لو لم تسمعهما، فأمّا قول أبي الأسود:
لَيتَ شِعْرِي عَن خَلِيلِي مَا الَّذِي
غَالَهُ في الحُبِّ حَتَّى وَدَعَه
فشاذّ، وكذلك قراءة بعضهم: "ما وَدَعَك رَبُّكَ وما قَلَى" [١٨] .