أمّا في العربيّة فقد أحيا الأدباء والعلماء في العصور الحديثة كثيراً من الألفاظ القديمة للحاجة إلى معانيها، وتبعاً للمخترعات الصناعيّة الّتي تستلزم بعض المصطلحات، ومن هنا وجدناهم يعيدون إلى اللّغة شيئاً من الألفاظ المهجورة "فكثيراً ما يلجؤون إلى ذلك للتّعبير عن معان لا يجدون في المفردات المستعملة ما يعبّر عنها تعبيراً دقيقاً، أو لمجرد الرّغبة في استخدام كلمات غريبة، أو في التّرفع عن المفردات الّتي لاكتها الألسنة كثيراً، وبكثرة الاستعمال تبعث هذه المفردات خلقاً جديداً، ويزول ما فيها من غرابة، وتندمج في المتداول المألوف، ولا يخفى ما لذلك من أثر في نهضة لغة الكتابة واتّساع متنها وزيادة قدرتها على التّعبير"[٢٦] .
وعلى الرغم من ذلك فثمة فريق من علماء العربية المعاصرين يميل إلى تجديد اللغة وتنميتها عن طريق الوسائل المشهورة كالاشتقاق والارتجال والمجاز والنحت والتعريب، ويدعو إلى ترك الغريب والحوشي والمهجور والممات وتفريغ المعاجم اللغوية مما تحويه من ذلك [٢٧] .
ومن أظهر من يمثل هذا الرأي المعلم الخوري بطرس البستاني الذي عدّ اشتمال المعاجم العربية على الغريب والحوشي والمهجور والممات عيباً من عيوبها وشائبة ينبغي تخليص المعاجم منها لمكان ذلك من الغرابة أو لتوغله في الحوشية والوحشية أو لهجره، وهو يرى أن دفنه خير من بقائه ويشبه بقاءه بالدُّمَّل في جسم اللغة البهي [٢٨] .
ويتألم هذا الباحث ويتحسر لاتجاه اللغويين والمعجمين إلى الإبقاء على هذا النوع من الألفاظ في معاجم العربية، ويقول:"ومما هو جدير بالأسف أنه بات من الراسخ في وهمنا أن تلك الألفاظ المستكرهة لا بد من إثباتها في معاجمنا، وإلا اجترحنا أفظع جريرة في حق لغتنا، وأفقدناها كنزاً ثميناً لا يعوض ولا نعلم متى تسقط هذه الكلمات المنبوذة من معاجمنا"[٢٩] .