والذي يبدو لي أن الفراء لم يكن مُتحَمِّساً للتقريب، لأنَّ إلحاحه على الحال في الشواهد القرآنية المحتوية على أسماء الإشارة أكثر من إلحاحه على التقريب.
المبحث الثاني عشر التقريب والحال عند الكوفيين
المصطلح النحوي بين الكوفيين والبصريين كثيراً ما يختلف، ولكن الغالب أن يكون اختلافاً في التسمية فقط كالترجمة للبدل، والمجرى وغير المجرى للمصروف والممنوع من الصرف، والمكني للضمير والتفسير للتمييز، والعماد لضمير الفصل؛ ولهذا قد يقال هل المنصوب على التقريب هو الحال والاختلاف في تسمية المصطلح؟ نقول: لا. بل الحال شيء آخر، وهم يسمون الحال قطعاً وحالاً، فالقطع عند الكوفيين هو جزء من الحال، والبصريون لا يقرُّون بالقطع ولا يقولون به قال أبو حيّان:"وهذا كله منصوب عند البصريين على الحال، ولم يثبت البصريون النصب على القطع، والاستدلال على بطلان ما ذهب إليه الكوفيون مذكور في مبسوطات النحو"[٦٥] والمنصوب على التقريب عند الكوفيين شيء ثانٍ، غير القطع وغير الحال فالتقريب إذن شيء جديد؛ لأن الفراء يقول في النص السابق "هذا عبد الله الأسدَ عادياً".
وإعراب عادياً حال من الأسد، والأسد هو المنصوب على التقريب، فبينهما فرق عنده إذن.