وقال أيضاً في إعراب {مَثَلاً} من قوله تعالى: {مَاذا أرَادَ الله بِهَذَا مَثلاً}[٧٤] قال: "وأجاز الكوفيون أن يكون منصوباً على القطع، ومعنى هذا أنه كان يجوز أن يعرب بإعراب الاسم الذي قبله، فإذا لم تتبعه وقطعته عنه نصب على القطع ... كذا قالوا ماذا أراد الله بهذا المثل فلما لم يجر على إعراب هذا انتصب على القطع"[٧٥] .
وأورد ابن شقير [٧٦] المصطلحين على أنهما متمايزان وجعل القطع هو ما يجوز فيه أن يعرب بإعراب الاسم الذي قبله؛ فإذا لم يتبعه المتكلم في الإعراب وقطعه عنه نصبه على القطع، ويرى ابن شقير أن مصطلح الحال هو ما لا يجوز فيه الإتباع وقال عنه:"والحال لاتكون إلا نكرة"[٧٧] .
الفصل الثاني: البصريون والتقريب
وتحته مباحث
المبحث الأول: التقريب عند سيبويه
هل كان سيبويه يعرف مصطلح تقريب كما يراد منه عند الكوفيين، أم لا؟
للإجابة عن هذا التساؤل لا بدّ لنا من الوقوف على هذا النص. قال سيبويه:"وأما الأسماء المبهمة فنحو هذا، وهذه، وهذان، وهاتان، وهؤلاء، وذلك، وتلك، وذانك، وتانك، وأولئك وما أشبه ذلك. واعلم أن المبهمة توصف بالأسماء التي فيها الألف واللام، والصفات التي فيها الألف واللام جميعاً؛ وإنما وصفت بالأسماء التي فيها الألف واللام؛ لأنها والمبهمة كشيء واحد، والصفات التي فيها الألف واللام هي في هذا الموضع بمنزلة الأسماء، وليست بمنزلة الصفات في زيد وعمرو إذا قلت مررت بزيد الطويل لأني لا أريد أن أجعل هذا اسماً خاصاً، ولا صفة له يعرف بها، وكأنك أردت أن تقول مررت بالرجل، ولكنك إنما ذكرت هذا لتقرِّب به وتشير إليه"[٧٨] اهـ
من هذا النص فهم بعض الباحثين أن سيبويه يعرف مصطلح التقريب، فقال:"سيبويه يستعمل هذا اللفظ - أي التقريب - ويبين دلالته المعنوية"[٧٩] .