والذي يظهر لي أن هذا إغراب في فهم هذا النص؛ لأن مراد سيبويه أن يقول إن اسم الإشارة ربما أتي به وُصْلَةً لوصف ما فيه الألف واللام، والإشارة إليه بالعهد الحضوري لا بالعهد الذهني وهو مراده بقوله "ولكنك إنما ذكرت هذا لتقرَّب به الشيء وتشير إليه" وللوقوف على حقيقة المعنى المراد نتأمَّل قول الأعلم شارحاً عبارة سيبويه قال: "الاسم المبهم مخالف لغيره في النعت؛ وذلك أنه ينعت بأسماء الأجناس كقولك مررت بهذا الرجل وركبت هذا الفرس؛ وذلك أن غير المبهم يحتاج إلى النعت إذا شاركه غيره في لفظه فيبان من غيره بذكر شيء فيه دون غيره مما يحلّى به، والمبهم إنما دخل وُصْلَةً لخروج ما فيه الألف واللام عن العهد إلى الحضور"[٨٠] .
والبصريون يستعملون كلمة تقريب ولا يريدون منها إعمال اسم الإشارة عمل كان كما هو عند الكوفيين وإنما يعنون معناها اللغوي قال الأعلم:"ثم اتفق قُرْبُ زيد منك فأردت أن تنبه المخاطب عليه وتقرّبه له فأدخلت هذا"[٨١] .
المبحث الثاني: الحال والتقريب عند البصريين
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: أقسام الحال من حيث التبيين والتأكيد
الحال تنقسم بحسب التبيين والتأكيد إلى قسمين كبيرين حال مؤسسة وهي التي لا يستفاد معناها إلا بذكرها كجاء سعد ضاحكاً، وحال مؤكدة وهي التي يستفاد معناها بدون ذكرها؛ وذلك بأن يدلّ عاملها عليها نحو لا تعث في الأرض مفسداً أو يدل صاحبها عليها كقوله تعالى:{إلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيْعاً}[٨٢] أو تكون الجملة السابقة عليها هي التي تدل على معناها هذا أبوك عطوفاً.
ووقع القسمان بعد اسم الإشارة كقولك في الحال المؤسسة هذا زيدٌ منطلقاً، وكقولك في الحال المؤكدة هذا أبوك رحيماً.