البصريون لا يقرّون بالتقريب ولا يقولون به ويجعلون ما كان منصوباً على التقريب عند الكوفيين حالاً مؤسسة أو حالا مؤكدة لمضمون الجملة قبلها قال سيبويه:"فأما المبني على الأسماء المبهمة فقولك هذا عبد الله منطلقاً وهؤلاء قومك منطلقين وهذا عبد الله معروفاً، فهذا اسم مبتدأ يبنى عليه ما بعده وهو عبد الله ولم يكن ليكون هذا كلاماً حتى يبنى عليه أو يبنى على ما قبله ... والمعنى أنك تريد أن تنبه له منطلقاً لا تريد أن تعرّفه عبد الله لأنك ظننت أنه يجهله فكأنك قلت انظر إليه منطلقاُ فمنطلق حالٌ قد صار فيها عبد الله"[٨٣] .
وقال الأعلم شارحاً عبارة سيبويه السابقة:"واعلم أن العامل في الحال في قولك هذا زيد منطلقاً الإشارة، أو التنبيه فالتقدير انظر إليه منطلقاً، وإن أعملت الإشارة فالتقدير أشير إليه منطلقاً والمقصد أنك أردت أن تنبِّه المخاطب لزيد في حال انطلاقه فلا بدّ من ذكر منطلقاً لأن الفائدة تنعقد به، ولم ترد أن تعرّفه إياه، وأنت تقدّر أنه يجهله كما تقول هذا زيد إذا أردت هذا المعنى، والأصل في هذه المسألة: زيد منطلق، ثمّ اتفق قُرْبُ زيد منك فأردت أن تنبه المخاطب عليه وتقرِّبه له فأدخلت (هذا) ، وهو اسم فلا بد له من موضع إعراب لإصلاح اللفظ فرفع بالابتداء لأنه أول الكلام، وجعل زيد خبره فاكتفى به، ونصب منطلقاً على الحال ولا يستغنى عنها لأنها خبر في المعنى كما لايستغنى عن رجل في قولك يا أيها الرجل وإن كان صفة؛ لأنه المقصود بالنداء في الأصل"[٨٤] .