وقال المبرّد موضحاً العامل في الحال الواقعة بعد اسم الإشارة:"وتقول هذا زيد راكباً وذاك عبد الله قائماً، فإن قال قائل: ما الذي ينصب الحال وأنت لم تذكر فعلاً قيل له (هذا) إنما هو تنبيه كأنك قلت أنبِّه له راكباً، وإذا قلت ذاك عبد الله قائماً (ذاك) للإشارة كأنك قلت: أشير لك إليه راكباً فلا يجوز أن يعمل في الحال إلا فعل أو شيء في معنى الفعل لأنها مفعول فيها"[٨٥] .
المبحث الثالث: رأي البصريين في التقريب
من خلال هذه النصوص يبدو لنا جلياً المانع الذي جعل البصريين لا يقولون بالتقريب رغم طرافة الفكرة لو أسعفتها القواعد فهم نظروا إلى أن أسماء الإشارة لها محل من الإعراب بكونها اسماً من الأسماء، والأسماء لها محل من الإعراب سواء كانت في صدارة الجملة أم في وسطها أم في آخرها على خلاف الأفعال التي إذا تصدّرت الجمل فليس لها محل من الإعراب، وبناءً على هذا فاسم الإشارة سيكون مبتدأً والمرفوع الذي بعده خبره وهو ما عدّه الكوفيون اسم التقريب؛ وبهذا ستكون الجملة تمّت إسناداً مبتدأ وخبر، والمنصوب سيكون حالاً لتمام الجملة قبل مجيئه، ولكنه حال لا يستغنى عنه؛ لأنه خبر في المعنى؛ ولأن الفائدة لا تنعقد إلا به قال سيبويه:"فهذا اسم مبتدأ يبنى عليه ما بعده وهو عبد الله ولم يكن ليكون هذا كلاماً حتى يبنى عليه أو يبنى على ما قبله"[٨٦] .
وأوضح الأعلم المانع من القول بالنصب على التقريب أشد إيضاح في نصه السابق حيث قال:"فأدخلت هذا وهو اسم فلا بدّ له من موضع إعراب لإصلاح اللفظ، فرفع بالابتداء لأنه أول الكلام وجعل زيد خبره فاكتفي به، ونصب منطلقاً على الحال ولا يستغني عنها لأنها خبر في المعنى".