روي عن الأحمر: لحَدْت: جُرْت، ومِلْت، وألحَدْتُ: ماريت، وجادلت [٢٤] .
وألحَدَ الرجل أي: ظلم في الحرم، وأصله: قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ...} .
والإلحاد في المسجد الحرام:
قال الزجاج: الإلحاد فيه: الشك في الله، وقيل كل ظالم فيه مُلْحِد.
وقيل: من يُرد متلبساً بالميل عن الحق وهو ظالم أن يُحْدِثَ في المسجد الحرام ما لا يرضي الله، نذقه من عذاب أليم [٢٥] .
قال ابن العربي: قوله: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ...} تكلم الناس في دخول الباء ههنا، فمنهم من قال: إنها زائدة، وهذا مما لا يُحتاج إليه في سبيل العربية، لأن حمل المعنى على الفعل أولى من حملِه على الحرف.
فيقال المعنى: ومن يهم فيه بميل يكون ذلك الميل ظلماً، لأن الإلحاد هو الميل في اللغة، إلاّ أنه قد صار في عرف الشريعة ميْلاً مذموماً، فرفع الله الإشكال، وبيَّن أن الميل بالظلم هو المراد هنا [٢٦] .
وقيل: ألحد في الحرم: ترك القصد فيما أُمر به، ومال إلى الظلم.
وفي الحديث: "احتكار الطعام في الحرم إلحاد فيه" [٢٧] ، أي: ظلم وعدوان، وفي حديث طهْفة: "لا تُلْطِط في الزكاة، ولا تلحد في الحياة" [٢٨] .
أي: لا يجري منك ميل عن الحق ما دمت حيّاً.
روى الطبري - بسنده عن ابن عباس قوله: الإلحاد: التكذيب.
وعند قتادة - يلحدون: يشركون [٢٩] .
وقيل - الإلحاد: الزيغ. ويلحدون: يحوِّرون.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحِد في الحرم..." وذكر الحديث [٣٠] .
قال ابن حجر: قوله: (أبغض) هو أفعل من البغض.
قال المهلب وغيره: "المراد بهؤلاء الثلاثة أنهم أبغض أهل المعاصي إلى الله، فهو كقوله: "أكبر الكبائر"، وإلاّ فالشرك أبغض إلى الله من جميع المعاصي".