للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "ملحد في الحرم"أصل الملحد المائل عن الحق، والإلحاد: العدول عن القصد، واستُشكل بأن مرتكب الصغيرة مائل عن الحق؟!!، والجواب: أن هذه الصيغة في العرف مستعملة للخارج عن الدين، فإذا وصف بها من ارتكب معصية كان ذلك إشارة إلى عظمها وقيل: إيراده بالجملة الاسمية مشعر بثبوت الصفة ثم التنكير للتعظيم، فيكون ذلك إشارة إلى عظم الذنب.

وحديث ابن مسعود: "ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه..." [٣١] ، ظاهر سياق الحديث أن فعل الصغيرة في الحرم أشد من فعل الكبيرة في غيره، وهو مشكل، فيتعين أن المراد بالإلحاد فعل الكبيرة، وقد يؤخذ ذلك من سياق الآية، فإن الآيتان بالجملة الاسمية في قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ...} الآية، يفيد ثبوت الإلحاد، ودوامه، والتنوين للتعظيم، أي: من يكون إلحاده عظيماً [٣٢] .

قال ابن عمر: كنا نتحدث أن الإلحاد (في المسجد الحرام) أن يقول الإنسان: لا والله، وبلى والله، وكلاّ والله"، ونُسب ذلك أيضاً إلى عبد الله بن عمرو بن العاص [٣٣] .

وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ...} قال: الشرك، وقال عطاء: الشرك، والقتل.

وقيل: صيد حمامه، وقطع شجره، ودخوله غير محرم [٣٤] .

وقال أهل العلم: الإلحاد في الحرم: القتل، والمعاصي [٣٥] .

وعن عمرو بن العاص: الإلحاد في الحرم: ظلم الخادم فما فوق ذلك [٣٦] .

وقيل: أصل (الإلحاد) في كلام العرب: العدول عن القصد، والجور عنه، والإعراض، ثم يستعمل في كل معوَجٍّ غير مستقيم، ولذلك قيل لِلَحْد القبر لحد، لأنه في ناحية منه، وليس في وسطه.