للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثاني عشر: أنَّ النخلة أصبر الشجر على الرياح والجهد، وغيرُها من الدوح العظام تميلها الريح تارة، وتقلعها تارة، وتقصف أفنانها، ولا صبر لكثير منها على العطش كصبر النخلة، فكذلك المؤمن صبورٌ على البلاء لا تزعزعه الرياح، وقد اجتمع فيه أنواع الصبر الثلاثة: الصبر على طاعة الله، والصبر عن معاصيه، والصبر على أقداره المؤلمة، قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} [٥٩] ، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [٦٠] .

ثالث عشر: أنَّ النخلةَ كلَّما طال عمرُها ازداد خيرُها وجاد ثمرُها، وكذلك المؤمن إذا طال عمره ازداد خيرُه وحسن عمله.

روى الترمذي عن عبد الله بن بُسر: أنَّ أعرابياً قال: يا رسول الله من خير الناس؟ قال: "من طال عمرُه وحَسُن عملُه" [٦١] .

وروى أيضاً عن أبي بكرة: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله أيّ الناس خير؟ قال: "من طال عمرُه وحَسُن عملُه". قال: فأيّ الناس شرّ؟ قال: "من طال عمره وساء عملُه" [٦٢] .

وروى الإمام أحمد، والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شدّاد: أنَّ نفراً من بني عُذْرَة ثلاثةً أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلموا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: