للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"من يكفينيهم"قال طلحةُ: أنا، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهدَ، قال: ثم بَعَثَ بعثاً آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، قال: ثم مات الثالثُ على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استُشهد أخيراً يليه، ورأيت الذي استُشهد أوَّلَهم آخرَهم، قال: فدخلني من ذلك، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنكرتَ من ذلك، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمّرُ في الإسلام يَكثُر تكبيرُه وتسبيحُه وتهليلُه وتحميدُه" [٦٣] .

رابع عشر: أنَّ قلبَ النخلة - وهو الجُمّار - من أطيب القلوب وأحلاها، وقد مرّ معنا في بعض طرق حديث ابن عمر المتقدّم: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتي بجُمَّار وشرع في أكله ثم قال: "إنَّ من الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم".

وجُمّار النخلة حلو الطعم جميل المذاق، وهو من أطيب القلوب وأحسنها، وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب وأحسنها، لا يحمل إلاّ الخير ولا يبطن سوى الاستقامة والصلاح والسلامة.

خامس عشر: أنَّ النخلة لا يتعطّل نفعها بالكليّة أبداً، بل إن تعطلت منها منفعة ففيها منافع أخر، حتى لو تعطّلت ثمارها سنة لكان للناس في سعفها وخوصها وليفها وكربها منافع وآراب، وهكذا المؤمن لا يخلو عن شيء من خصال الخير قط، بل إن أجدب منه جانب من الخير أخصب منه جانبٌ، فلا يزال خيرُه مأمولاً وشرُّه مأموناً، روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "خيركم من يُرجى خيرُه ويؤمنُ شرُّه، وشرُّكم من لا يُرجى خيره ولا يُؤمن شرُّه" [٦٤] .