و ((رُنّى)) (جمادي الآخرة) : (فعلى) من الشّدّة في كل شيء، قيل: يوم أَرْوَنانٌ: شديد في كل شيء ووزنه (أفوعال) من الرّنين فيما ذهب إليه ابن الأعرابي، وهو عند بعضهم (أفعلان) من قولك: كشف الله عنك رونة هذا الأمر، أي غمّته وشدّته [٦٢] .
وأنكر بعضهم النّون - كما تقدم - وقال هو: رُبّى - بالباء، مأخوذ من الشّاة الرُّبَّى، وهي الحديثة النِّتاج؛ لأن فيه يعلم ما نتجت حروبهم إذا انجلت عنه، قال الشاعر:
أتيتك في الحَنِين فقلت: رُبَّى
وماذا بين رُبّى والحَنِينِ [٦٣]
وقد يقال في ((رُنّى)) : ((رُنَّة)) بحذف الألف وتخفيف النّون، قال ابن منظور: "رُونة، وهي محذوفة العين، ورُونة الشيء: غايته في حَرٍّ أو بردٍ أو غيره، فسمّي به جمادى لشدّة برده، ويقال: إنهم حين سمّوا الشّهور وافق هذا الشَّهر شدّة البرد فسُمّوه بذلك " [٦٤] .
وسُمِّيَ رجب: ((الأصمّ)) لتركهم الحرب فيه حتى لا تسمع صلصلة حديد.
وسُمّيَ شَعبان: ((عاذلاً)) كأنّه كان يعذلهم على الإقامة، وقد حلّت الحرب والغارات.
وقيل: ((عاذل)) اسم شهر شوال، أمّا شعبان فاسمه وَعِل، أي: أنّهم عكسوا [٦٥] ، وأكثرهم على ما ذكرت، أي أن عاذلاً هو شعبان ووَعِلاً شوال [٦٦] .
وسمّي رمضان: ((ناتِقاً)) لكثرة الأموال فيه، يقال: نَتَقَت النّاقة أو المرأة إذا كثر ولدها. أو هو مشتقّ من النّتْق، وهو الجذب كأنّه كان يجذب النّاس إلى غير ما هم عليه، قال الراعي [٦٧] :
وفي نَاتِقٍ كانَ اصْطِلامُ سَرَاتِهم
لَيَالِيَ أَفْنَى القَرْحُ جُلَّ إِيَادِ
نَفَوا إخْوَةً ما مِثْلَهُم كَانَ إِخْوَةٌ
لِحَيٍّ وَلَمْ يَسْتَوْحِشُوا لِفَسَادِ
وسُمِّيَ شوَال ((وَعِلاً)) لأن الغارة كانت تكثر فيه فيلتجي كلُّ قوم إلى ما يُتَحَصّنُ به، والتَوَعّل: التَّوقّل وهو العلو والاحتراز، ومنه اشتقّ الوعل والمستوعل من الحمير المتحرزة.