للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسُمّي ذو القعدة: ((وَرْنَة)) للتَّنَعُّم فيه، قال ابن الأعرابي: "التَّوَرُّن: كثرة التّدهّن والنّعيم" [٦٨] .

أمّا ((هُوَاع)) - وهو الاسم الآخر الّذي روي لشهر ذي القعدة - فقد قيل له ذلك "لأنه كان يهوع الناس، أي: يخرجهم من أماكنهم إلى الحج، ويقال: هاع فلان يهوع هوعاً إذا قاء وتهوّع وما يخرج من حلقه هُواعة" [٦٩] .

أمّا ((بُرَكُ)) وهو شهر الحج، فهو معدول عن ((بارك)) وكأنّه الوقت الذي تبرك فيه الإبل للموسم، وقد يكون مشتقاً من البَرَكة، لأنّه وقت الحجّ، فالبركات تكثر فيه، وأصل البَرَكة من الثَّبات، كأنه من قولهم: بَرَكَ البَعِير، أو هو من مبرك البَعير الّذي يثبت فيه.

وقد سمّت العرب أشهرها بالأسماء المعروفة المحرّم وصفر ... إلخ، واشتقوا أسماءها من أمور اتّفق وقوعها عند تسميتها، والمتأمل لاشتقاق أسماء شهور الجاهلية أوّلاً ثمّ اشتقاقها ثانياً يتبين له أنّ بين التسميتين زماناً طويلاً، لاختلاف المدلول الزمني بين التسمتين لكل شهر.

الفصل الثالث

الممات من أسماء متفرقة

ترك العرب مما كان مستعملاً في الجاهلية ألفاظاً كثيرة أماتوها بعد أن زالت معانيها، فمن ذلك [٧٠] :

١- المِرباع: وهو ربع الغنيمة يكون لرئيس القوم في الجاهليّة دون أصحابه وصار في الإسلام الخمس على ما فرضه الله تعالى.

٢- النَّشِيطة: وهي من الغنيمة ما أصاب الرئيس لنفسه، مثل السّيف والفرس والجارية، قبل أن يصير إلى بيضة القوم.

٣- الصَّفايا: جمع صَفِيّ، وهو ما يصطفيه الرئيس لنفسه، مثل السّيف والفرس والجارية، قبل القسمة مع الربع الذي له، وبقي الصّفيّ حيناً في الإسلام، وقد خصّ بذلك النبيّ صلى الله عليه وسلم، فقد اصطفى صلى الله عليه وسلم سيف منبّه بن الحجّاج المسمّى ذو الفِقار، يوم بدر، وغير ذلك، قال ابن فارس: "وزال اسم الصّفيّ لمّا توفّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم " [٧١] .