للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمكن لي الظّفر بجملة من الأفعال المماتة بكامل تصريفاتها مستخرجة من المصادر اللّغويّة القديمة، وعلى رأسها "الجمهرة " لابن دريد الّذي عني في معجمه هذا بذكر الممات والإشارة إليه في مواضع عديدة، ولم يرد لها ذكر في معاجم الأفعال لابن القوطيّة والسّرقسطيّ وابن القطّاع أو المعاجم الكبيرة مثل "التهذيب" و"الصّحاح" و"المحكم" و"اللسان" و"القاموس المحيط" و"التاج" فدلّ ذلك على أنها مماته، كما قال ابن دريد وغيره من العلماء.

وأنبه - بين يدي هذا الفصل قبل أن أعرض لعدد من الأفعال المماتة - إلى أن ثمة خلافاً بين البصريين والكوفيين في أصل المشتقات، فالبصريون يرون أن المصدر هو الأصل والفعل منه، ويرى الكوفيون أن الفعل هو الأصل والمصدر مشتق منه.

واستدل البصريون على أن المصدر أصل الفعل بأمور، منها أن المصدر يدل على زمان مطلق، والفعل يدل على زمان معين، فكما أن المطلق أصل للمقيد فكذلك المصدر أصل للفعل.

واستدل الكوفيون على أن الفعل أصل المصدر بأمور، منها أن المصدر يصح لصحة الفعل، ويعتل لاعتلاله، كما في قولك: قاوَم قِوَاماً وقام قياماً، فلما صح المصدر لصحة الفعل واعتل لاعتلاله دلّ على أنه فرع عليه.

والخلاف في هذه المسألة مبسوط في كتب النحو والصرف [١] ،فلا حاجة لبسطه هنا، وقد رجح جمهور العلماء مذهب البصريين.

ويبدو أن ابن دريد الذي نقلت عنه قدراً صالحاً من ممات الأفعال في هذا الفصل والذي يليه - يختار مذهب الكوفيين في أصل الاشتقاق مع أنه بصري.