للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحق أنه يصعب الجزم بصحة أحد المذهبين وتخطئة الآخر، فالطابع العام لهذه المسألة نظري - كما يقول بعض الباحثين المعاصرين - "ولذا كان الخلاف فيها ميداناً لتصارع الحجج النظرية، ومن هنا ترددتْ خلال الحجج قضايا فلسفية، مثل الأصالة والفرعية، والإطلاق والتقييد، والبساطة والتركيب، وفي الوقت نفسه لم تخل المسألة من استئناس بالواقع اللغوي" [٢] .

ويبدو أن الموازنات السامية ترجح مذهب الكوفيين، وفي ذلك يقول ولفنسون: "وقد نشأ من اشتقاق الكلمات من أصل هو الفعل أن سادت العقلية الفعلية- إذا صح هذا الاستعمال - على اللغات السامية، أي أن لأغلب الكلمات في هذه الكلمات مظهراً فعلياً ...

وقد رأى بعض علماء اللغة العربية أن المصدر الاسمي هو الأصل الذي يشتق منه أصل كل الكلمات والصيغ ولكن هذا الرأي خطأ - في رأينا - لأنه يجعل أصل الاشتقاق مخالفاً لأصله في جميع أخواتها السامية.

وقد تسرب هذا الرأي إلى هؤلاء العلماء من الفرس الذين بحثوا في اللغة العربية بعقليتهم الآرية، والأصل في الاشتقاق عند الآريين أن يكون من مصدر اسمي.

أما في اللغات السامية فالفعل هو كل شيء، فمنه تتكون الجملة، ولم يخضع الفعل للاسم والضمير، بل نجد الضمير مسنداً إلى الفعل ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً" [٣] .

ولست بصدد مناقشة هذا الرأي، ولكن هذا يكفي - على الأقل - لجعلي أقبل - في هذا البحث - برأي ابن دريد حينما يجعل الفعل أصلاً للمصدر في الاشتقاق ويقول بموته حين يجد المصدر مستعملاً ولا فعل له.

وأذكر فيما يلي ما وقفت عليه من الأفعال المماتة، مرتبة على حروف المعجم، وهي:

١ـ بحن:

أميت الفعل "بَحِنَ" بكلّ تصريفاته وأزمنته. قال ابن دريد: "البَحَنُ: فعل ممات، ومنه اشتقاق البَحْوَن، وهو الرّمل المتراكب " [٤] ، وقوله: فِعل ممات؛ أي: فعله ممات، أي أنه مشتق من فعل ممات.

ومنه رجل بَحْوَن: عظيم البطن [٥] .