ومن تلك الصّيغ الّتي شقّت طريقها في الحياة، وأميت مجرّدها: أَفْعَلَ، وفَعَّلَ، وفَاعَلَ، وفنعَلَ، فَعْوَلَ وَفَوْعَلَ، وفَعْيَلَ، وتَفَعّلَ، وتَفَاعَل، وتَفَنْعَلَ، وافتَعَلَ، واستَفْعَلَ، وافْعَلَلَّ، وافْعَلَّ، وافْعَالَّ. وهي على النّحو التّالي:
أـ مجرَد (أَفْعَلَ)
باب فعلت وأفعلت من الأبواب المعروفة في اللّغة، وألّف فيه جماعة من علماء اللّغة، وثمّة أفعال استغنى فيها بأَفْعَلْتُ عن فَعَلْتُ، فتَرِكَ هذا الأخيرُ مع أنّه هو الأصل، فأميتَ، وهي أفعال قليلة، قال سيبويه:"استُغنيَ عن جَنَنتُ ونحوها بأَفْعَلْتُ "[١٤٠] .
وكان أبو عمرو بن العلاء يقول:"مَضَّنِي" كلام قديم قد تُرِكَ فأُميت؛ أراد أنّ "أمضّني" هو المستعمل [١٤١] .
أمّا ابن دريد فكان يقول: إنّ غَاثَه يغُوثُهُ غَوثاً أصل لقولهم: أغاثه يُغيثه إغاثة، فأميت الأصل من هذا، واستعمل الفرع وهو المهموز [١٤٢] ، إلا أنّ هذا الفعل الممات مذكور في بعض المعاجم [١٤٣] .
وأميت الفعل (حَبَّ) اكتفاء بـ (أَحَبّ) قال الكسائي: "محبوب من حَبَبتُ، وكأنّه لغة قد ماتت "[١٤٤] يريد أنّ الفعل الثلاثي المجرّد هو الّذي أميت، وبقي اسم المفعول منه وهو محبوب، فهم يقولون: أحبّه فهو محبوب، مبنياً على الثّلاثيّ الممات، وليس على الرّباعيّ.
قال أبو جعفر النحّاس:(قال الكسائي: يقال: يحِبّ وتَحِبُّ وأَحِبُّ، ويِحِبُّ - بكسر الياء - وتِحِبُّ ونِحِبُّ وإحِبّ، قال: وهذه لغة بعض قيس يعني الكسر، قال: والفتح لغة تميم وأسد وقيس، وهي على لغة من قال: حَبَّ، وهي لغة قد ماتت. قال الأخفش: لم تسمع حببت. قال الفراء: لم نسمع حببت إلا في بيت أنشده الكسائيّ: