واحتمالات الإماتة في هذا كلّه على النّحو التّالي:
١- إماتة الماضي دون غيره.
٢- إماتة المضارع دون غيره.
٣- إماتة الأمر دون غيره.
٤- إماتة الماضي والمضارع دون الأمر.
٥- إماتة الماضي والأمر دون المضارع.
٦- إماتة المضارع والأمر دون الماضي.
وفيما يلي ما وقفت عليه ممّا أميت من هذه الأوجه الستة:
أ - إماتة الماضي دون غيره:
اشتهر عند اللّغويين والنّحاة قولهم إن العرب أماتت ماضي الفعل (يَدَعُ) وكذلك ماضي (يَذَرُ) استغناء عنهما بـ (تَرَكَ) [١٩٠] وهم يقولون: ذر ذا ودعه؛ أي: اتركه، كما يقولون: يذره ويدعه، ولا يقولون: وَذَرْتُهُ ولا وَدَعْتُهُ، ولكن تركته، ولا يقولون: واذرٌ ولا وادع ولكن تارك [١٩١] ؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُوْنَ أَزْوَاجاً} [١٩٢] و {فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتُرُوْن} [١٩٣] .
واستعملوا (فعّل) من (وَدَعَ) قالوا: ودّعته، وفي القرآن {مَا وَدَّعَكَ رُبُّكَ وَمَا قَلَى} [١٩٤] .
ولم يكن حكمهم بإماتة الفعل (وَدَعَ) محلّ اتفاق عند النّحاة؛ لورود هذا الفعل في قراءة النبي – صلى الله عليه وسلم – وعروة بن الزُّبير وأبي حَيْوَة وابن أبي عبلة {مَا وَدَّعَكَ رُبُّكَ وَمَا قَلَى} [١٩٥] .
ولوروده في الشّعر، كقول أبي الأسود:
لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلِي مَا الَّذي
غَالَهُ في الحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ [١٩٦]
وقول الآخر:
وثُمَّ وَدَعْنَا آلَ عَمْرٍو وعَامِر
فَرَائِسَ أَطْرَافِ المُثَقَّفَةِ السُّمْرِ [١٩٧]
وجاء المصدر من (وَدَعَ) في الحديث: "لَيَنْتَهِيَنَّ أقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعات" [١٩٨] وروي "الجماعات" [١٩٩] .
وقد روي عن شمر قوله: "زعمت النّحويّة أنّ العرب أماتوا مصدر يدع، والنّبيّ عليه السّلام أفصح العرب، وقد رويت عنه هذه الكلمة " [٢٠٠] .