ولا مبرّر لوجود الكلمة في اللّغة عند ما لا تقول للعقل شيئاً، فإنّ اللّغة تهملها، كما يقول درمستيتر (Darmesteter) [١٦] .
وهكذا تتخلّص اللّغة من الألفاظ الّتي لم تعد كافية للتّعبير عن المعنى الّذي يناط بها؛ لأنّها ضعفت أو بليت [١٧] .
المبحث الثاني: الاستغناء
قد يؤدّي التّرادف إلى ترك بعض الألفاظ استغناء بمرادف لها؛ لأنّه يؤدّي معناها، فتموت الألفاظ المتروكة، قال سيبويه:"وأمّا استغناؤهم بالشّيء عن الشّيء فإنّهم يقولون: يَدَعُ، ولا يقولون: وَدَعَ، استغنوا عنها بترك، وأشباه ذلك كثير "[١٨] وقد استغنوا باشتدّ عن شَدُدَ [١٩] ، وباحمارّ عن حِمِرَ [٢٠] وباستنوك عن نوك [٢١] .
وقال ابن الأنباريّ:"استغنوا عن وَدَعَ بترك؛ لأنّه في معناه، وكذلك استغنوا به عن وَذَرَ "[٢٢] .
وقال ابن جنّي في تركهم بعض المصادر:"يقال: نَذِرْتُ بالشّيء؛ إذا علمت به فاستعددت له، فهو في معنى فهمته وعلمت به، وطَبِنْتُ له، وفي وزن ذلك، ولم تستعمل العرب لقولهم نذرت بالشيء مصدراً، كأنّه من الفروع المهجورة الأصول. ومنه ((عسى)) لا مصدر لها، وكذلك ((ليس)) .
وكأنّهم استغنوا عنه بأنْ والفعل، نحو: سرّني أن نَذِرْت بالشيء، ويسرّني أن تَنْذَر به" [٢٣] .
وقد يُمات الفعل المجرّد استغناء بمزيده، قال ابن دريد:" واللّحَك من قولهم: لَحِكَ يلحَك لَحْكاً، إذا تداخل بعضه في بعض، وقد أميت هذا الفعل فاكتفوا بقولهم: تلاحك تلاحكاً "[٢٤] .