إن التمسك بالمنهج الأصيل في المجتمعات الإسلامية في عصرنا يتجاوز حدود الضرورة الحضارية والحاجة المتجددة إليه، إلى ما هو أرقى من ذلك وهو أنه مطلب شرعي، وواجب ديني لا تتحقق سعادة الإنسان إلا بالاستمساك به والدعوة إليه والذب عنه، وتقديمه على كل صور وأنماط النظم الوضعية والاجتهادات البشرية، فالملك عبد العزيز رحمه الله صاحب منهج، ومنهجه قويم لأنه مستمد من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم.
والحديث عن المنهج وأصالته حديث عن كيان وعقيدة ودولة بكل عناصر الدولة (السكان، والأرض، والحكومة، والسيادة) والحديث عن عظماء الرجال تكثر شعبه، وتتعدد جوانبه؛ لتكاثر المجالات التي تستدعي حديثا وكتابة وفقها وتأريخا. والحديث عن الملك الصالح والإمام الملهم عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود يتشعب وتذهب فيه مسالك الكتابة والتأمل كل مذهب، فإنه رحمه الله جمعت فيه مناقب عديدة وخصال فريدة، قل أن تراها في عظماء الرجال بعد انصرام القرون المفضلة.
ولئن كان رحمه الله مؤسس الدولة السعودية الثالثة وبانيها فلقد قيضه الله تعالى في ظروف عصيبة، واجتباه لخدمة الحرمين الشريفين في وقت كانت الأمة الإسلامية - ولا زالت - تمر فيه بمنعطفات تاريخية غير مسبوقة.. وتحديات فكرية ترتكز على القوة والنفوذ والغلبة لا على الحكمة والمنطق!
فقد استطاع - بعد توفيق الله - بقوة إيمانه ويقينه بالله وببصيرته النافذة وعزيمته الماضية وملكاته المتعددة إقامة وبناء هذا الكيان الإسلامي الكبير:(المملكة العربية السعودية) على منهج إسلامي راشد تجلت فيه الأصالة والمعاصرة في معادلة متوازنة. فهي مملكة القوة والسلام، ومملكة الأمن والوئام، مملكة العلم والإيمان، مملكة الحق والعدل، مملكة البناء والعمران، مملكة الثقل الدولي المؤثر والموقر.