ولقد رأينا كيف ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إلى توحيد اللَّه تعالى، وأنه طيلة العهد المكي اقتصرت دعوته على تحقيق هذا المقصد الإيماني العظيم، وفي العهد المدني أقام المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية الأولى على أساس العقيدة الخالصة التي نشرها خلفاؤه الراشدون في الآفاق من بعده، وكيف قيض الله تبارك وتعالى من بعدهم من الخلفاء والملوك والعلماء من رفعوا راية الإسلام في الدولة الأموية والعباسية والعثمانية، وممن يذكره التاريخ من العلماء: الأئمة الأربعة وشيخ الإسلام ابن تيمية مؤسس المدرسة السلفية في القرن السابع، والشيخ محمد بن عبد الوهاب مجدد الدعوة في القرن الثاني عشر، ومن آزر الدعوة من ملوك آل سعود إلى يومنا هذا.
وأما الملك عبد العزيز فقد قيضه الله تبارك وتعالى لهذا العمل الجليل والمقصد النبيل، واتسم جهده وجهاده بما انفرد به في عصره، فقد تسلم راية الدولة الإسلامية قبل أن تسقط في الأستانة فاتصل ارتفاعها واستمر، وراية الدولة الإسلامية لم تسقط أبدا منذ أن أسس النبي صلى الله عليه وسلم أول دولة في الإسلام بالمدينة النبوية.. وليتبين للناس أن منهج الرشد ليس في الشرق ولا الغرب، وإنما هو في هذا الدين الحنيف الذي ارتضاه الله لعباده والذي لا يقبل دينا سواه بالاحتكام إليه وتطبيق شرعه والاستمساك بهديه في مسالك الحياة كلها، وتأسيس ذلك على أساسه الوطيد ومرتكزه الركين، وهو تحقيق كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ومقتضياتها.