للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن سيرته مع شعبه قوله رحمه الله بعد أن استتب له الأمر في الحجاز في بلاغ عام: "من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود إلى إخواننا أهل الحجاز سلمهم الله تعالى. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإني أحمد الله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده وأهنئكم وأهنئ نفسي بما من الله به علينا وعليكم من هذا الفتح الذي أزال الله به الشر وحقن دماء المسلمين وحفظ أموالهم، وأرجو من الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يجعلنا وإياكم من أنصار دينه ومتبعي هداه [إلى أن قال] لقد مضى يوم القول ووصلنا إلى يوم البدء في العمل، فأوصيكم ونفسي بتقوى الله واتباع مرضاته والحث على طاعته، فإنه من تمسك بالله كفاه ومن عاداه والعياذ بالله باء بالخيبة والخسران، إن لكم علينا حقوقا ولنا عليكم حقوقا، فمن حقوقكم علينا النصح لكم في الباطن والظاهر، واحترام دمائكم وأعراضكم وأموالكم إلا بحق الشريعة، وحقنا عليكم المناصحة والمسلم مرآة أخيه، فمن رأى منكم منكرا في أمر دينه أو دنياه فلينا صحنا به فإن كان في الدين فالمرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإن كان في أمر الدنيا فالعدل مبذول منا إن شاء الله للجميع على السواء. ." [٣٣] .

ومن هذا البلاغ التاريخي يُستشف شمولية المنهج الذي تحض عليه الشريعة الغراء وتأمر به، وأن القرآن العظيم والسنة المطهرة من الشمولية والعمق بحيث يستوعبان أحداث كل عصر ومصر، نصا أو استنباطا أو قياسا أو اجتهادا على نحو ما يفصله علماء أصول الفقه، وقد كان فقه هذه الشمولية في عقل الملك عبد العزيز وقلبه وهو من هو في خدمة الشرع.