يقول الإمام العلاَّمة الحافظ المباركفوري في شرح المقصود بهذا الحديث ما ملخَّصه:"من أصبح منكم - أي أيها المؤمنون - آمناً - أي غير خائف من عدو - في سربه - أي في نفسه، وقيل في جماعته، أو في أهله وعياله، وقيل سَربه - بفتح السين - أي في مسلكه وطريقه، وقيل بفتحتين - أي في بيته، كذا ذكره القاري عن بعض الشُّرَّاح. وقال التوربشتي - رحمه الله - أي بعضهم إلاَّ السَرَب - بفتح السين والراء - أي في بيته، ولم يذكر فيه رواية. ولو سلم له قوله أن يطلق السرب على كُلِّ بيت كان قوله هذا حريّاً بأن يكون أقوى الأقاويل، إلاَّ أنَّ السرب يقال للبيت الذي هو في الأرض. وفي القاموس: السَّرْب الطريق، وبالكسر الطريق، والبال، - والقلب، والنفس، والجماعة، وبالتحريك جحر الوحش والحفير تحت الأرض". اهـ.
ثُمَّ علَّق الحافظ المباركفوري قائلاً:"فيكون المراد من الحديث المبالغة في حصول الأمن ولو في بيتٍ تحت الأرض، ضَيِّق كجحر الوحش، أو التشبيه به في خفائه وعدم ضياعه"ا. هـ[٢٩] .
وهنالك العديد من السنن والتوجيهات والاحتياطات النبوية الكريمة لجناب الأمن في حياة الفرد والمجتمع المسلم حتى يعيش الناس في وفاق وأمان واطمئنان.
ومن أجل ذلك فقد دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى كُلِّ عملٍ يبعث الأمن والاطمئنان في نفوس المسلمين، ونهى عن كُلِّ فعلٍ يبث الخوف والرعب في جماعة المسلمين، حتى ولو كان أقل الخوف وأهونه، باعتبار الأمن نعمة من أجَلِّ النعم على الإنسان [٣٠] .
فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لا يحل لمسلمٍ أن يروع مسلماً"[٣١] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشير أحدكم على أخيه بالسلاح، فإنَّه لا يدري أحدكم لعلَّ الشيطان ينزغ في يديه فيقع في حفرة من النار"[٣٢] .