وعن عبد الله بن السائب بن يزيد، عن أبيه، عن جده أنَّه سمع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعباً ولا جاداً"[٣٣] .
فكل تلك الأمور التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها أمور تنقض الأمن وتوقظ العداوة وتثير الشحناء بين الناس، حريٌّ بكل مسلمٍ أن يتجنبها ويبتعد عنها.
وهكذا دعوة الإسلام الحنيفية السمحة، ما من أمرٍ فيه خير إلاَّ ودلَّت الناس عليه، وما من أمرٍ فيه شر أو بوادر شر، أو من شأنه إثارة الشر وتبديل الأمن إلاَّ وحذَّرت الناس منه ونهتهم عنه.
ولذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم السَّتر وطلب الأمن وعدم الذعر أو الخوف لأنَّ هذا من أُسُس ومتطلبات الحياة الإنسانية الطبيعية الآمنة.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه:"اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي"[٣٤] .
والمتأمل بعد ذلك في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وما قام به من أعمالٍ جليلة وتصرُّفات حكيمة ومسالك قيِّمة عظيمة، يدرك على الفور مدى ما كان يتمتَّع به المجتمع المسلم - آنذاك - من أمنٍ واطمئنان وسكينةٍ ووقار، لم تتوفر في أي مجتمعٍ آخر. وهكذا كان حال المجتمع الإسلامي في عهد الخلفاء الراشدين، وفي معظم العهود الإسلامية المتلاحقة يفوق غيره من المجتمعات البشرية الأخرى في أمنه واطمئنانه.
يقول الله تعالى ممتناً على هذه الأُمَّة الإسلامية بإخراجها من ظلمات الشرك والخوف إلى نور الإيمان والتوحيد والأمان:{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[٣٥] .