فهنا يذكرهم جلَّ ثناؤه إذ وعظهم عظيم ما كانوا عليه في جاهليتهم من البلاء والشقاء بمعاداة بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً، وخوف بعضهم من بعض، وما صاروا إليه بالإسلام واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به وبما جاء به من الائتلاف والاجتماع، وأمن بعضهم من بعض، ومصير بعضهم لبعض إخواناً" [٣٨] . فلله تعالى الحمد والمنة.
المبحث الثالث: دواعي الأمن وضرورته في المملكة العربية السعودية
بعث الله تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم للناس هدايةً ورحمة، وجعل مبعثه في مكَّة المكرَّمة في جزيرة العرب، التي كانت تنتابها المحن والقلاقل والفتن وعدم الأمن، سوى أهل مكة بلد الله الحرام الذين امتن الله تعالى عليهم بالأمن وعدم الخوف كما قال سبحانه:{لإِيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}[٣٩] .
ولقد تعاقبت على جزيرة العرب عهود تاريخية كثيرة، وأحداث جسيمة ألقت بظلالها عليها، الأمر الذي أدَّى إلى عدم الاستقرار وتضعضع الأمن وفشو الخوف بين الناس، وتوجس الشر في كثيرٍ من الأحيان. ناهيك عن انتشار البدع والخرافات وتعلُّق الناس بالأوهام، وانصرافهم عن العقيدة الإسلامية الصحيحة في كثيرٍ من الأوقات، وعدم فهمهم لدعوة الإسلام الخيرة النافعة للإنسان في آخرته ودنياه [٤٠] ، وخاصَّة في العهود الإسلامية المتأخرة.