حتى امتن الله تعالى على الناس في هذه الجزيرة بدعوة الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى - داعية التوحيد، ومجدِّد ما اندرس من عقيدة الإسلام في العصور الحديثة [٤١] ، وساعده ووقف بجانبه الإمام محمد ابن سعود أمير الدرعية، بل يمكن لنا القول أنَّ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لم يكن لها أن تصمد وتنتشر ويكتب لها النجاح لولا توفيق الله تعالى وحفظه وتأييده، ثُمَّ وقفة الأمير محمد بن سعود لها وجهاده من أجلها.
وتتابع الأئمة من آل سعود في احتضان ورعاية الدعوة السلفية والعناية بها، وتكبدوا في سبيل ذلك المشاق والأهوال، بل وتحمَّلوا المحن التي رانت على دولتهم في بعض عهودها من أجل هذه الدعوة المباركة ومن أجل بقائها.
حتى كان العصر الحاضر، وفي عهد الإمام المؤسِّس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود الذي وحَّد الجزيرة بعد شتات، ولَمَّ شعثها بعد طول سبات، فانتشرت على يديه المباركتين دعوة التوحيد، وراجت كتبها، وتعدَّدت مؤسساتها العلمية، وانتفع الناس بها في الداخل والخارج. كذلك ساد الأمن، وألقت الطمأنينة بظلالها الوارفة، وعمَّت السكينة أرجاء البلاد بعد طول شتات وفرقة وخلاف، فلله الحمد والمنة.
ومِمَّا سبق وتأسيساً عليه يمكن لنا أن نذكر ونسجِّل بعض الأمور التي تستدعي الأمن وتتطلبه، بل وتؤكِّد عليه وتجعله ضرورة هامَّة في هذه البلاد المباركة، ومطلباً حيوياً فيها وهي:
أولاً: أنَّ المملكة العربية السعودية تشغل معظم جزيرة العرب موطن دعوة الإسلام، ومبعث النور والضياء إلى الإنسانية بأجمعها، فكان حريّاً بها أن تكون واحة الأمن والاستقرار.