ثانياً: وجود الحرمين الشريفين في مكَّة المكرَّمة والمدينة المنورة، وكذا بقية الأماكن والمشاعر المقدَّسة التي يهوي إليها المسلمون لتأدية الركن الخامس من أركان الإسلام وهو الحج، أو ما يكون بقصد العمرة والزيارة والصلاة.
ولا شكَّ أنَّ الأمنَ لازمٌ لكي يقوم المسلمون بتأدية عباداتهم تلك وإتمام ما أتوا من أجله في راحةٍ واطمئنان، ومن هنا فقد أمر الله تعالى بأن يكون حرمه آمناً، وبيته ملاذاً للطمأنينة، ومستقراً للسكينة منذ أن أمر جلَّ شأنه ببنائه على يد إبراهيم الخليل وإسماعيل عليهما السلام كما قال تعالى:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}[٤٢] .
وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مؤكِّداً على حرمة مكَّة والمدينة:"إنَّ إبراهيم حرَّم مكَّة ودعا لأهلها، وإني حرَّمتُ المدينة كما حرَّم إبراهيم مكَّة، وإني دعوت في صاعها ومدِّها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكَّة"[٤٣] وعن سهل بن حُنيفٍ قال: أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فقال: "إنَّها حرمٌ آمن"[٤٤] .