خط حديدي يصل من برلين إلى بغداد، ومِنْ ثَمَّ تعطيل مصالح الإنجليز
في الخليج، والحد منها في الهند، حيث كان العثمانيون والألمان يتطلعون
إلى إنهائه في الكويت، بينما كان الإنجليز يعملون لتمكين سلطانهم في إمارات ومنطقة الخليج العربي، ويعارضون بشدَّة مدّ الخط الحديدي إلى الكويت [٥٣] .
ومن ذلك ندرك مدى الأهمية الدولية التي كانت تتمتع بها الكويت والتي جعلت منها ميداناً للتصارع والتنافس الدولي إلى حين [٥٤] .
وكان يحكم الكويت آنذاك أميرها الشيخ مبارك الصبَّاح، وكانت أيامه مليئة بالمناورات والمحاورات مع وفود الدول ومحاولته البعد ببلده عن صراع تلك الدول وأطماعها، بدهائه السياسي، والذي ما لبث أن انتهى بتوقيع معاهدة حماية سرية مع الإنجليز سنة ١٣١٦هـ/ ١٨٩٩م وأعلنها بعد عامين [٥٥] .
وكان عبد العزيز يرى كل ذلك ويرقبه ويتعلَّم منه، حيث كان الشيخ مبارك يرى في عبد العزيز علامات النجابة ويتوسم فيه الذكاء والألمعية وصفات العبقرية، فقرَّبه منه، وأجلسه بجواره، وتوقَّع له مستقبلاً كبيراً.
ومِمَّا سبق بيانه، وتأسيساً عليه يمكن القول أنَّ هنالك جملة من العوامل الهامَّة التي أثَّرت في شخصية الملك عبد العزيز ومجريات حياته وهي:
أولاً: العقيدة الإسلامية الصحيحة التي آمن بها، وتربَّى عليها وتخلَّق بها، فأثمرت فيه بوادر الخير والحرص على نفع الناس، ولمِّ شعث الأُمَّة وتوحيدها من جديد.
ثانياً: تلقيه بعض العلوم النافعة المفيدة، كدراسة القرآن الكريم، وبعض مبادئ الشريعة الإسلامية من توحيد وفقه.
ثالثاً: تربيته على معاني الرجولة، وتعليمه العادات العربية الأصيلة كركوب الخيل، واستعمال السلاح.
رابعاً: الظروف العصيبة التي مرَّت بها أسرته، وتنقلاته من الرياض إلى الدهناء، وعيشه بين القبائل، ثُمَّ سفره إلى البحرين فقطر، ومِنْ ثَمَّ استقراره في الكويت.