للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تاسعاً: وهذا أمرٌ هامّ، وهو أنَّ كُلَّ تلك الأسباب والمؤثرات ما كان لها أن تؤثِّر التأثير الإيجابي والمطلوب في شخصية الملك عبد العزيز لو لم يحالفها التوفيق من الله تعالى، ثُمَّ وجود وتوافر الاستعداد الفطري، والإحساس الذاتي، والتدفق العاطفي الصادق، المبني على الاقتناع العقلي المحض بأهمية وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه والتي كانت تنتظره وينتظرها، وكأن عبد العزيز كان على موعدٍ مع كل تلك الأحداث الجسام والتصاريف العظام وتدافعها بعضها مع بعض، ليحقق الله أمراً كان مفعولاً.

قال تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [٥٨] .

المبحث الثاني: حالة الأمن في الجزيرة العربية قبل توحيد

الملك عبد العزيز لها

عاشت الجزيرة العربية قبيل توحيد الملك عبد العزيز لها حالات من الخوف وعدم الأمن والطمأنينة، وذلك لما ساد مجتمعات الجزيرة من انقسامات واختلافات كثيرة متنوعة آذنت باشتعال نار العداوة والفرقة والخلاف فيما بينها.

ويمكن لنا أن نوضِّح بعضاً من تلك الحالات غير الآمنة والتي سادت أقاليم الجزيرة العربية، في النقاط المختصرة التالية:

أولاً: الحجاز:

كان الحجاز يتبع الدولة العثمانية منذ مطلع القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي، وكانت الإمارة فيه للأشراف، ولكنها لم تكن إمارة مطلقة، بل محدّدة وذات صلاحيات مقيَّدة من قبل العثمانيين.

ففي المدينة المنورة - مثلاً - كان هناك والٍ تركي، وكانت توجد معه حاميات تركية.