كذلك الحال كان بالنسبة لجيزان وما جاورها من مناطق أخرى ترزح تحت نير الحروب بين الأتراك والأدارسة بقيادة محمد علي الإدريسي، والذي لم تستقر له الأمور إلاَّ في عام ١٣٣٧ هـ. ونتيجةً لذلك كله فقد عمَّت الفتن والحروب بين قبائل المنطقة، وساءت الحالة الأمنية بين الناس، وتعرَّضت الطرق للقطع والنهب والسلب [٦٦] .
وهكذا تتضح صورة الحالة الأمنية في الجزيرة العربية قبيل عهد الملك عبد العزيز، ومدى ما كانت تعانيه من خوف وهلع وعدم أمن، ونهب وسلب للأموال والممتلكات، الأمر الذي أدَّى إلى تأخر أحوال الناس الاجتماعية والاقتصادية والعلمية، وذلك راجعٌ إلى عدم وجود مَنْ يقوم على أمر الناس، ويلم شعثهم، ويوحِّد كلمتهم، ويطبِّق شريعة الله تعالى بينهم، حتى أذن الله تعالى ووفَّق عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود لتوحيد هذه البلاد، ولَمِّ شملها، ورأب صدعها، وتجميع قوتها في كيانٍ واحدٍ هو المملكة العربية السعودية، مضرب المثل في الأمن والأمان والاستقرار في هذا العالم.
فكيف تمَّ للملك عبد العزيز كُلّ ذلك؟
وكيف قام بتوحيد تلك المناطق والبلدان البعيدة والنائية بعضها عن بعض، والتي كانت مضرب المثل في الخوف وعدم الأمن؟
وكيف أسهمت تلك الوحدة في إرساء قواعد الأمن بين الناس وجعلته مطلباً هامّاً وضرورةً ملحّة لكلّ فرد من أبناء هذه البلاد يحافظ عليه ويدعمه ويدعو الله تعالى أن يديمه ويوفق القائمين عليه؟
هذا ما سوف نتعرَّف عليه في الصفحات التالية بإذن الله تعالى.
المبحث الثالث: أبرز جهود الملك عبد العزيز في توحيد المملكة العربية السعودية ونشر الأمن فيها