أضف إلى ذلك كله أنَّ هيبة الحامية التركية أخذت في الضعف والانحدار مِمَّا جعل الأمن غير مستتب في المنطقة، الأمر الذي أدَّى إلى عجز العثمانيين عن تأمين المنطقة ودروبها من اللصوص وقُطَّاع الطرق، كما عجزوا عن تأمين أرواح الناس وأموال المسافرين وتجاراتهم في الطُّرُق الصحراوية.
ونتيجةً لذلك كله فقد أصبح سلطان العثمانيين محدوداً في مدن منطقة الأحساء، وفقدوا السيطرة على بقية المنطقة، وانشغل العثمانيون بمشاكلهم العسكرية حينذاك في آسيا.
ومن خلال ذلك كله تتضح الحالة التي كانت تعاني منها منطقة الأحساء، ومدى كرههم للحكم التركي، وما جرَّه عليهم من مشكلات وويلات لا قبل لهم بها، مِمَّا حدا بالبادية إلى التمرُّد على السلطة العثمانية، وخاصة قبائل العجمان وآل مرّة، وكان رؤساء القوافل التجارية يضطرون إلى دفع الإتاوات إلى رؤساء هذه القبائل التي يمرون بمواطنها، وكانوا يصطحبون معهم قوة عسكرية - أحياناً - لتأمين القافلة ضد قُطَّاع الطرق، وفي أحيان أخرى كان التاجر يضطر إلى دفع - الإخاوة - وهي مثل الإتاوة للقبائل التي تمر بها تجارته أو قافلته [٦٥] .
رابعاً: منطقة عسير وجيزان:
لم تكن عسير وجيزان وبقية مناطق جنوب الجزيرة العربية بأحسن حالاً من بقية المناطق الأخرى.
فمثلاً منطقة عسير كانت تحت حكم العثمانيين، ثُمَّ استقلَّ بها حسن آل عائض، ودارت بينه وبين الأدارسة معارك وصراعات عنيفة منذ عام ١٣٣٧هـ، والذي انتهى بهزيمة الأدارسة.
وكانت عسير في كلا العهدين التركي وآل عائض، غير مستقرة
ولا آمنة، فالطرق مخوفة، والجهل سائد، والفتن والحروب قائمة بين القبائل.