وكانت سياسة عبد العزيز بن متعب بن رشيد سبباً في عودة بعض هذه الوحدات إلى ما كانت عليه من نزاع واضطراب وثورات، وكانت القوافل التجارية بين مدن نجد وقراها تحمى بمجموعة من الرجال يحملون السلاح، كما كانوا أيضاً يصطحبون معهم رجلاً من كُلِّ قبيلة من القبائل التي يجتازون أرضها، ويُسَمَّى:"الرفيق"أو "رفق"، ويدفعون له مالاً يُرْضيه، ومع ذلك فإنَّ هذه الاحتياطات قد توفر لهم نوعاً من الوقاية والنجاة، ولكنها لم تكن ضامنة لسلامتهم ضماناً تامّاً، بل تظل أموالهم عرضة للنهب، وحياتهم مهدَّدة بالقتل، وذلك إذا اصطدموا بغزاة لا تفيد معهم الأسباب التي اتخذوها، إمَّا لقوَّتهم أو لكثرة عددهم، أو لأسباب أخرى عديدة. ووجد من بعض العشائر مَنْ يقوم بحماية القاتل علانيةً وتفتخر بهذا العمل.
وكانت عادة الغزو بين القبائل متأصلة في نفوس أفرادها حتى إنَّ الذي لا يشارك في الغزو والسلب والنهب لا يستحق الاحترام من أفراد القبيلة.
وهكذا كان لسوء الحالة الأمنية في نجد قبيل عهد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - الأثر الكبير في تدهور الحالة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية بسبب عدم توفر السلطة المركزية القوية العادلة المطبقة لشريعة الله تعالى بين الناس" [٦٤] .
ثالثاً الأحساء:
كانت الأحساء قبيل ظهور الملك عبد العزيز تابعة للدولة العثمانية، وذلك منذ العام ١٢٨٨هـ، وكانت حالتها الأمنية والسياسية والاجتماعية سيئة جداً، ولا تقل عن الحالة في الحجاز أو نجد. فقد كانت الحامية التركية في المنطقة تحكم حكماً يتَّسِم بالظلم والجَوْر وعدم مراعاة الحق والعدل بين الناس، مع زيادة الضرائب على الأهالي وإرهاقهم مع محدودية دخولهم، الأمر الذي جعل الناس يضيقون ويتبرَّمون ويشتكون من مظالم الولاة العثمانيين.