إن الملك الداعية هنا ينبه إلى حقيقة: أن الوحدة - وهي مطلب ديني وقومي – لا تكون إلا بالوسيلة المشروعة، وبالعمل الصالح.
ويقول الملك - رحمه الله - في خطاب له في السادس من شهر ذي الحجة عام ١٣٦٤هـ:
"إن كل كلام لا يتبعه فعل فهو باطل، وإنه لا صلاح للمسلمين إلا باتحادهم واتفاق الكلمة على توحيد ربهم، وإن كل خلاف يجر إلى فرقة وانقسام، والدين يأمرنا بالتمسك بشريعة الله".
ليس غريبا أن يتناول الملك عبد العزيز في خطابه الدعوي قضية وحدة الأمة الإسلامية، فهي من الدعوة، حين تكون شاملة لمقاصد الإسلام العليا إلى جانب أحكامه في الشريعة، ولقد أراد الملك - رحمه الله - أن يرسخ لدى جمهور الناس قضية توحيد الأمة، ودعوة الملك في ذلك تتميز عن دعوة العلماء والدعاة؛ لأنه ولي الأمر، ولأنه هو المسؤول عن تحقيق ما أراده الله لهذه الأمة من وحدة وأخوة.
إن حياة الملك تمثل عملا دائبا من أجل الوحدة العربية، والإسلامية، فقد وحد غالب شبه جزيرة العرب، وقضى على ما فيها من تشتت، وتشرذم أوهن قوتها عشرات السنين، وهكذا تطابق قول الملك مع فعله، وتمثلت دعوته وخطابه الديني في أعماله وتصرفاته، وهذا ولاشك من فقه الدعوة؛ لأن القدوة والمثال أمام الناس أبلغ وأوضح من الكلمات، والشعارات، لاسيما إذا أدركنا أنه في مدة حكم الملك عبد العزيز، الذي امتد نحو نصف قرن من الزمان، لم يكن هناك صوت يعلو بالدعوة إلى وحدة العرب أو المسلمين، فقد كان العرب في هذه الفترة يدعون لاستقلال بلادهم التي استحوذ عليها الاستعمار، ولم تكن الوحدة العربية أو الإسلامية ضمن أولوياتهم الدعوية، ولكن توحيد البلاد العربية والإسلامية، والاهتمام بالمسلمين أينما كانوا، كان من أولويات الملك - رحمه الله - يقول في إحدى خطبه: