وفي كلمة له يقول:"أتعرفون ما دمَّر الدين وأكثر الفتن بين المسلمين؟.. لم يكن ذلك إلا من اختلاف المسلمين وعدم اتفاق كلمتهم.. وإذا أعدنا النظر إلى أيام الإسلام الأولى وما افتتحوا من أقطار وما كسروا من أصنام، وما نالوا من خير عميم.. نجد أن هذا كله ما حصل إلا باجتماع الكلمة على الدين، والإخلاص في العمل، والخلوص في النية. المسلمون منّ الله عليهم بالإسلام واجتماع الكلمة، ولكن لما تفرقوا انخذلوا وسلط الله أعداءهم عليهم، وإذا رجع المسلمون إلى تعاضدهم، وتكاتفهم رجع إليهم عزهم ومجدهم السالف، وقد قال تعالى:{نَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[٣٧] والقضاء كائن لا محالة ولما تناصح المسلمون بلغوا أوج السماء، ولما تخالفوا كانوا بهذا الشكل الذي نأسف له، والنفس أمارة بالسوء، ولربما أن أحد الناس عرف ذلك وضيعه، والثاني عرف الدين وعمل به وعلم الله ما بقلبه فجعل العقبى خيراً له.
المسلمون اليوم قائمون من نوم وغفلة فيجب عليهم أخذ سلاحهم والسلاح سلاحان.. أما سلاح العدة من طيارات وما إليها فهذا ما لا يستطيع المسلمون أن يستحوذوا على مقادير منها بقدر ما استحوذ عليه أعداؤهم إلا أن يشاء الله.
أما السلاح الثاني - وهو الأعظم - فالذي أوصي به نفسي، وأوصيكم به، وهو التقوى والاعتصام بحبل الله جميعاً، فإذا علمتم ذلك نلتم العزة في الدنيا، والعفو في الآخرة، ورحمة الله وسعت كل شيء، ولا صلاح لهذه الأمة إلا بما صلح به أولها وكل طريق غير ذلك لا يفيد" [٣٨] .