وفي سنة ١٣٥٤هـ وأمام كبار الحجاج يقول رحمه الله في كلمة عجيبة له تدل على فقه وفهم في الدين، وثقافة واسعة وتدل أيضاً - مع مثيلات كثيرات لها - على أن الملك عبد العزيز رحمه الله قد عمل على إعادة صياغة العقل المسلم بما يتفق مع الفهم الصحيح للدين، ومقتضيات العصر، وهو بهذا يكون قد سبق بزمن طويل أصحاب الطروحات التي تناولت هذا الموضوع أخيراً وهو موضوع لاشك مهم، والأمة في أمس الحاجة إليه.
يقول: "الإسلام شريعة سمحة لا غلو فيه، اختاره الله للمسلمين من بين الشرائع وفضّله على جميع الملل. دين الإسلام دين الإنسانية والسماحة، ولقد أرسل الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأشرف الكتب لخير الأمم، فكتاب الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ولقد أعز الله الإسلام بالسنة المحمدية فما في كتاب الله تؤيده السنة، وما في السنة يؤيده الكتاب.
والمسلم لا يكون إسلامه صحيحاً إلا إذا أخلص العبادة لله وحده، فيجب أن يتدبر المسلمون معنى (لا إله إلا الله) فإن (لا إله) نفي لكل معبود فيما سوى الله (إلا الله) إثبات العبادة لله وحده فيجب على الإنسان ألا يشرك مع الله في عبادته نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرباً ويجب أن يتبع المسلمون القول بالعمل... أما القول المجرد فلا يفيد، وما الفائدة في رجل يقول (لا إله إلا الله) ولكن يشرك مادون الله في عبادته... دين الله مكتوب في الكتاب والسنة فكل عمل اتفق مع الكتاب فهو الحق، وكل عمل خالف الكتاب والسنة فهو الباطل..
إن سورة الفاتحة التي يرددها المسلم في صلواته فيها ما لو تدبره المسلم لما كان يقول شيئاً ويعتقد خلافه، يجب على المسلم أن يتبع قوله بالعمل، وقراءة الكتاب والسنة بالاعتقاد الصحيح، أما الأقوال بغير الأعمال فهذه من صناعة الشيطان.