للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا هو موقف الملك عبد العزيز رحمه الله - وهو الموقف الذي يليق بمثله وقد أقام كما فعل أجداده من قبل - ملكه على أساس الكتاب والسنة ونتساءل من هنا أيحق لأحد من ملوثي العقيدة والفكر أن يعد الملك عبد العزيز رحمه الله في عداد دعاة القومية العربية تلك الأيدلوجية التي أقامها نصارى ويهود العرب ومن سار في ركابهم من مغفلي المسلمين والذين يحلو لكثير منهم أن يطلقوا على الحكم العثماني "الاستعمار التركي"ومن أعجب ما تقرأه في هذه النقطة ما كتبه الصحفي محمد زيدان حيث يجعل دعاة القومية العربية صدى لصوت ساطع الحصري وعزيز علي المصري ثم يسوق كلاماً صحفياً لا يقوم على أساس علمي وليس هذا محل الرد عليه ويختم تلك البلبلة بقوله:

فالحصيلة أن دعاة القومية العربية من أولهم إلى آخرهم كانوا لعبد العزيز!! وبه!! ومنه!! [٦٣] .

وهذا الكلام إنما يصدره في حق الملك عبد العزيز رحمه الله واحد من اثنين:

شخص لا يملك المؤهلات للكتابة عنه رحمه الله وقد أشير إلى تلك المؤهلات أو بعضها في أول البحث.

أو شخص صاحب هوى ومتشبع بما لا يملك، نسأل الله الثبات ونعوذ به من الضلال.

ومما يؤكد عظمة ما كان يتمتع به الملك عبد العزيز رحمه الله من وعي وثقافة وبعد نظر ما جاء في نصحه لبعض أهل سوريا حيث قال: "لا تأخذوا بمدنية أوربا الزائفة، وتتركوا فضائلكم. فعدو البلاد لا يعمل لما فيه خيرها، ونصيحتي لكم أن تعملوا ما عملنا نحن وما عمله أسلافكم الأطهار فالذي يصبر يظفر" [٦٤] .

كان هذا كلام الأصيل الذي قال عن نفسه يوماً: "لست متطفلاً على الرياسة والملك فإن أبائي، وأجدادي معروفون منذ القدم بالرياسة والملك" [٦٥] وليت العرب سمعوا كلامه ونهجوا نهجه لكانوا عندها قد قفلوا الأبواب أمام "لعبة الأمم"التي مورست على أرضهم في أبشع الصور وبأقذر الأساليب [٦٦] .