يقول الزركلي: كان لعلماء الدين المقام الأول عند الملك عبد العزيز، يقدمهم على إخوانه وأبنائه وكبار جلسائه، ويصغي إلى آرائهم، ويبالغ في أكرامهم.. وكان لكبارهم هيبة في نفسه لايصطنعها، ولا يتعمَّلها ولا سيما آل الشيخ... سُمع مرة يقول: ما لقيت الشيخ يعني عبد الله بن عبد اللطيف إلا تصبب العرق من إبطي...
وكان يقع اختلاف في وجهات النظر أحياناً بين الملك وبعض العلماء خاصة في بعض الأمور المستحدثة وكان الملك رحمه الله القوي الحكيم في معالجة تلك الأمور يقول الزركلي عن ذلك:
" ويبالغ الكتاب في وصف ما كان يبذله من الجهد في بدء نمو الدولة لإقناع المشايخ ولاسيما الإخوان... بأن استخدام الآلات الحديثة كاللاسلكي، والتلفون، والسيارات لا حرج فيه من الدين.. على أن هناك ما لا ينبغي إغفاله. وهو أن الملك عبد العزيز كان يعلم أن المرء عدو ما جهل، ويعلم أن أكثر من عارضوه في استخدام الآلات الحديثة إنما كانوا يُصدرون عن نية حسنة.. ولم تكن معارضتهم لرغبة في الشغب أو لعرقلة تقدمه الاجتماعي والنظامي بالدولة بل يعارضون لأن الواجب ديناً، ولأن من مقتضيات الإخلاص للإمام أن ينصحوه فيما يعن لهم أنه انحراف عن نهج السداد...
ولكن عبد العزيز الحكيم المتأنِّي الحريص على أن تلتف قلوب الناس حوله قبل جسومهم كان يكبر في دخيلة نفسه جرأتهم ويجل صراحتهم، ويطيل التفكير في حل عقدهم النفسية ويلتمس العذر لمن عادى ما يجهل منهم.. ثم كان عبد العزيز في المدة الأخيرة من حياته، إذا ذكر ما لقي من بعض المشايخ في إبان وثبته أكثر من حمد الله على توفيقه له في أخذ النصحاء منهم بالرفق، ونوه بذكر السابقين منهم إلى الاقتناع وبما كان لمواقفهم في نصرته من الأثر في قمع المتشددين وهداية المسترشدين" [١٠] .