هذا الشرع والثَّقة به وتطبيقه قولاً وعملاً هو السبب فيما تحقق من تغيير على يدي الملك عبد العزيز مما ظن أنه أصبح أمراً لا مناص منه وحتى وصل الاستسلام له أن أفتى بعضهم بإسقاط فريضة الحج باعتباره أمراً غير مستطاع كما ذكر ذلك التويجري. تحقق ذلك الأمن علي يدي الملك عبد العزيز رغم التَّحديات العظيمة التي واجهها.. جهل، وفقر، وقلة إمكانيات، وقوى معادية ومؤامرات تحاك في الداخل والخارج.
العنصر الثالث عشر: الصبر، والأناة، والحكمة، والواقعية في معالجة أمور الدولة
الأناة والحلم خصلتان يحبهما الله ورسوله [٥٧] وقد رزق الله الملك عبد العزيز رحمه الله قدراً عظيماً من الصبر، والأناة، والحلم، والواقعية في معالجة أمور الدولة وإليك بعض ما يؤكد ذلك.
يقول كشك وهو يعلق على بعض صور صبر الملك عبد العزيز: هذا العملاق كان يتمتع بقوة خارقة في السيطرة على جسده الكبير.
ففي شرخ الشباب، وعندما اقتحم بيت عجلان كان عليه أن ينتظر للفجر حتى يقوم بالخطوة التالية، وهي ساعات تتوتر فيها أعصاب أشجع الشجعان، ويفر النوم من كل عين فهو داخل بيت عدوه، في مدينة يسيطر عليها هذا العدو وهو على مرمى السهم من الحصن. وصرخة امرأة ولو من الرعب، يمكن أن توقظ المدينة كلها وتثيرها ضد هذا المجهول عند الحريم، صرخة واحدة أو اشتباه حارس، أو غلطة من أحد المرافقين يمكن أن تضع حداً لحياته ومغامراته، والقضية التي خاطر في سبيلها، ولكن لأنه لا يمكن فعل شيء حتى الفجر. والانتظار يرهق الجسد ويتلف الأعصاب، ومعركة الفجر تحتاج لطاقته كاملة. إذاً لابد من النوم.
ليتمرد الجسد، لتصرخ الأعصاب محتجة ولكنه قرار عقلي، وإذا قرر عقل ابن سعود فلابد أن يطيع الجسد. وقد كان ونام.