ويقول في كلمة له:"يجب على الإنسان أن يعرف مصلحة نفسه إذا عرف حقيقة دينه والأمر الذي يوفق بين دينه وراحة نفسه هو الشرف، والذي ليس له شرف ولو أعطي من هذه الدنيا ما أعطي إذا لم يوفق إلى ذلك فآخرته الخزي والعياذ بالله ونعمته الدنيوية وبال عليه... وواجب على من تولى أمر المسلمين أن يكون مصلحاً لأنه إذا صلح الراعي صلحت الرعية، والراعي كالمطر أحياناً يكون خيراً على رعيته وأحياناً يكون بلاءً ومضرة، ولا يصلح الراعي إلا إذا اتبع كتاب الله وسنة رسوله والإمام والأمير حتى والي البيت يجب عليه أن يعلم أنه راع وكل راع مسؤول عن رعيته، ويجب أن يفعل معهم ما يجب أن يفعلوا معه، لأن النفوس لا يمكن أن توافق على غير ما تحب، والدين يحتم عليك أن تحب من أحب الله ولو كان من أعدائك، وأن تبغض من يحارب الله ولو كان من أصدقائك وأحبائك وهذه هي المحجة البيضاء إن شاء الله ويجب على المسلمين أن ينظروا إلى أنفسهم ويتفقدوا حالتهم، وكان بعض الصالحين إذا ركب دابته وشعر منها تغيراً يقول "ما غير دابتي هذه إلا عملي" [١٨] ، ويجب على المسلمين التناصح بالخير ما أمكن، والله سبحانه وتعالى إذا علم من شخص نزاهة يشمله بعفوه ومغفرته، ويجب أن نجعل صفحتنا بيضاء نقية وأن نغار على بعضنا البعض فإذا عرف أحدنا شيئاً من معايب أخيه يجب أن يناصحه قبل كل شيء فإذا عجز عنه يسأل الله له الخير، ولا يشنع عليه، وهذه الأمور كلها مبنية على مكارم الأخلاق"[١٩] .
وأبرق لولي عهده برقية تضمنت نصائح جامعة ومنهجاً سياسياً وإصلاحياً تدل على تدين صادق، ونظرة بعيدة للأمور، ووعي بأمر الملك وما يصلحه. جاء فيها: "... تفهم أننا نحب الناس جميعاً، ما نعز أحداً، ولا نذل أحداً، وإنما المعزُّ المذل هو الله سبحانه وتعالى، ومن التجأ إليه نجا، ومن اعتز بغيره عياذاً بالله وقع وهلك.
موقفك اليوم غير موقفك بالأمس وينبغي أن تعقد نيتك على ثلاثة أمور: