للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد انقضاء القرون الأولى المفضلة، كثرت البدع والخرافات، والعودة إلى الوثنية، وذلك بتعظيم المشاهد والقبور، وصرف العبادة لها من دون الله، وتقديم الآراء والتقليد على الأخذ من الكتاب والسنة، حتى اشتدت غربة الإسلام في غالب الأحوال.

إلا أنّ الله تعالى جعل دينه باقياً إلى قيام الساعة، وذلك كما ورد في الحديث الصحيح عن معاوية رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال من أُمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك" [٢٧] . وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة" [٢٨] .

لذلك فإنّ الدعوة إلى التمسك بالكتاب والسنة ومنهج الصحابة والتابعين لهم بإحسان لهو الأمر الذي يجب اتباعه، وذلك هو طريق الطائفة المنصورة، وهي الفرقة الناجية، ويطلق عليهم أهل السُنة والجماعة، حيث أصبح هذا الاسم علماً عليهم، مهما حاولت بعض الفِرق الأخرى الانتساب إليه.

قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [٢٩] .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كُلها في النار إلاّ واحدة"قيل: مَن هي يا رسول الله؟ قال: "منْ كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" [٣٠] .

ومع شدة الحاجة إلى الدعوة إلى الله عز وجل، فإن ضرورة الدعوة إلى منهج السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، أشد، وذلك لتنقية العقيدة مما شابها وعلق بها من البدع والأهواء، وتصحيح مسارها من الانحرافات والخرافات التي حادت بها عن حقيقتها وأصالتها.