وفي عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - قيَّض الله للدعوة السَّلَفِيَّة علماء ربانيين، ودعاة صالحين، يقومون بالدَّعْوَة إلى الله تعالى وفق هدي كتاب الله عزَّ وجلَّ، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومنهج السَّلَف الصَّالِح، من تقرير العقيدة الصحيحة، وإرشاد الناس إلى ما يفيدهم في دنياهم وآخرتهم، وكانوا يستخدمون الأسلوب الأمثل في الدَّعْوَة إلى الله، ممتثلين قوله سبحانه:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[١٥] . ولم يكونوا رحمهم الله - يكتفون بالتعليم، أو الوعظ والإرشاد، أو القضاء والإفتاء، بل كانوا يؤلفون الكتب القيمة والرسائل المفيدة، وخاصّةً في بيان العقيدة الصحيحة وشرحها، والرد على أهل البدع والأهواء، ونقض أقوالهم الباطلة، وتفنيد افتراءاتهم على الدَّعْوَة السَّلَفِيَّة وأهلها.
وقد اهتم الملك عبد العزيز - رحمه الله - بأولئك العلماء الأجِلاَّء، فقرَّبهم إليه، وأكرمهم [١٦] ، لا سيما آل الشيخ مُحَمَّد بن عبد الوَهَّاب - رحمهم الله - وذلك عرفاناً منه بفضلهم، وتقديراً لعلمهم، وعظيم جهودهم في الدَّعْوَة.
وكان - رحمه الله - يستقبل العلماء، ويجتمع بهم في كُلِّ يوم خميس من كل أسبوع، في جلسة عامَّة مفتوحة في قصره، وكانت له توجيهات إسلامية، وفي موسم الحج كان يلتقي بكبار العلماء والزعماء في العَالَم الإسلامي، ويناقش معهم القضايا الإسلامية، ومسائل العقيدة.
وكان - رحمه الله - عوناً للعلماء - بعد عون الله تعالى، فهو - رحمه الله - لم يألُ جهداً في تسخير كُلِّ إمكانيات دولته في سبيل تعليم الناس أمور دينهم، ونشر العقيدة السَّلَفِيَّة بينهم.