ولا شكَّ أنَّ الملك عبد العزيز - رحمه الله - كان كأسلافه، عقيدته سلفية، وكان نصيراً لعقيدة السَّلَف، ويستشير العلماء في أمور الدين، وينفِّذ أحكامهم، ويعمل بنصائحهم وفتاويهم، مع أنَّه ذو فكرٍ سديدٍ، وإدراكٍ عميقٍ، واعتقادٍ سليمٍ، مبني على استقلال في الشخصية، وحُرِّيةٍ في الاختيار، وقوة في الإرادة، وإمضاء في العزيمة، وسعة في الأفق، ويشاركهم في التوجيه والنصائح والإرشاد، والدَّعْوَة إلى عقيدة السَّلَف الصَّالِح.. [١٧] . مِمَّا يدل على علمه ورسوخ قدمه في عقيدة السَّلَف الصَّالِح، وأنَّ عليها اعتقاده - رحمه الله تعالى - لكنَّه مع ذلك يدرك أهمية العَالِم المُتَخَصِّص، المعروف بالدِّيانة والصِّدق ويضعه في مكانه، ويعلم أنَّ ذلك هو المنهج الصواب [١٨] .
ولا ريب أنَّ لتقريب الملك عبد العزيز - رحمه الله - للعلماء الرَّبَّانيين المعروفين بالصدق والإخلاص، وحسن الديانة والمعتقد، كان له الأثر البالغ في بَثِّ الوعي الدِّيني بين الناس، وتعريفهم بالمعتقد الصحيح، كما كان له الأثر الكبير في تطبيق الشريعة والفصل في القضايا المهمة وكشف الشُّبَه، مِمَّا نتج عنه تجنُّب المخاطر ودروب الهلاك والفُرْقة والانقسام.
وقد سار أبناءُ الملك عبد العزيز البررة مِنْ بعده، على هذه السُنَّة المباركة في إكرام العلماء وطلبة العلم. فرحم الله مَنْ مضى إلى رَبِّه، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، والنَّائب الثاني.
المبحث الثالث: تقرير الملك عبد العزيز للدعوة السَّلَفِيَّة ونشرها: