إنَّ دعوة الشيخ مُحَمَّد بن عبد الوَهَّاب السَّلَفِيَّة التي نادت بتصحيح العقيدة، وتصفيتها من شوائب الشرك والبدع والمعاصي، لم تزل تنمو وتتسع بعد وفاة الشيخ مُحَمَّد بن عبد الوَهَّاب، والإمام مُحَمَّد بن سعود - رحمهما الله - حتى بلغت في أوائل القرن الثالث عشر الهجري مبلغاً عظيماً على يد الأمير سعود المعروف بالكبير، فقد رفرفت أعلام التوحيد على ربوع منطقة نجد كلها حتى بلغت أطراف سوريا والعراق وعُمان، ووجدت تقبُّلاً كبيراً في كثيرٍ من بلاد المسلمين.
إلاَّ أنَّه بسبب نشر الدعاية السيئة ضِدّ هذه الدَّعْوَة السَّلَفِيَّة في البلاد الإسلامية عادت مظاهر الشرك والخرافات والبدع تظهر من جديد، وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والبناء عليها، والتبرُّك بها والنذر لها والاستعاذة بالجِنّ والذبح لهم.. والحَلف بغير الله إلى غير ذلك من أنواع الشِّرْك الأصغر والأكبر [١٩] .
وَلَمَّا مكَّن الله للملك عبد العزيز من تقلّد مهام الأمور في البلاد، كان أوَّل اهتماماته تقرير العقيدة السَّلَفِيَّة ونشرها بين الناس، والذَّب عن حياضها، واعتبرها القاعدة الرئيسة في حياة المسلمين، وذلك لأنَّ تصحيح العقيدة هو الأساس، فشهادة أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ مُحَمَّداً رسول الله هي أوَّل أركان الإسلام، والرسل أوَّل ما دعوا الأمم دعوهم إلى التوحيد، وتصحيح عقائدهم، فالتوحيد هو أساس دعوة الأنبياء من أوَّلهم إلى آخرهم، قال تعالى {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[٢٠] .
وقال تعالى عن الأنبياء عليهم السلام:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[٢١] . فجميع الأعمال من العبادات والتصرُّفات تنبني على العقيدة، وبدون التوحيد، لا فائدة من الأعمال مهما كان نوعها.