وقد وُزعت هذه الكتب القيمة على الناس في داخل البلاد وخارجها مجّاناً [٤٠] .
وكان الملك عبد العزيز يأخذ في طبع ونشر هذه الكتب بما يشير به عليه العلماء أو المستشارون، ومن المعروف أن جلساء الملك عبد العزيز هم من صفوة الرجال علماً وأدباً ورجاحة عقل. ومما لاشك فيه أنّ ما يلاحظ اليوم من استنارة ظاهرة في عقائد المسلمين، إنّما هو ناشئ عن هذه الدعوة المباركة التي مازالت تواصل دورها وتؤتي ثمارها في أنحاء الأرض.
المبحث السادس: تطبيق الشريعة وإقامة الحدود:
لقد أدرك الملك عبد العزيز - رحمه الله - بثاقب بصره، وبُعْد نظره، أنَّ الناس عامة لا يمكن أن يصلح لهم أي نظام غير النظام الرباني، وقد كان لهذا الإدراك الأثر الكبير في نجاح جميع أموره في توحيد المملكة، وذلك لأنَّ كون الشريعة من عند الله يحمل الناس على احترامها، وطاعة أوامرها، وإنَّ في هذه الطاعة قربة إلى الله تعالى، ولا يخفى على أحدٍ أثر الشريعة الإسلامية في مجال العبادات والمعاملات من تحقيق المصالح بين الناس، وتنظيم العلاقة بينهم.
لذلك اعتمد الملك عبد العزيز - يرحمه الله - الشريعة الإسلامية في جميع أعماله وتصرفاته من أجل توحيد المملكة، وتثبيت دعائم الأمن والاستقرار فيها، وحقن الدماء التي كانت تُرَاق في الماضي، وإقامة نهضة شاملة، في حدود ما تجيزه الشريعة السمحة.
وذلك امتثالاً لقوله تعالى - مخاطباً رسوله مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمر فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[٤١] .