وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وسُنَّتي"[٤٣] .
وقد طبَّق الملك عبد العزيز - يرحمه الله - الشريعة الإسلامية في بلاده غير مبالٍ بحملات التشكيك التي كانت تثار ضِدّ قدرة الشريعة الإسلامية على مواكبة الحضارة الحديثة، والوفاء بمتطلَّبات الحياة العصرية، وتدعو إلى الأخذ بالقوانين الوضعية، والأنظمة الحديثة.
وإنَّ من نافلة القول أن نقول: إنَّ الملك عبد العزيز لم يأت بنظامٍ جديد، ولم يُشرّع قانوناً، بل الذي عمله أنَّه طَبَّق أحكام القرآن والسُنَّة النبوية على الناس في مملكته، وأيقظ في النفوس وازع الإيمان بالله تعالى، والالتزام بما شرعه لعباده.
ولهذا قال - رحمه الله - عندما أراد السفر إلى مكَّة:"إنِّي مسافرٌ
إلى مكَّة لا للتسلُّط عليها، بل لرفع المظالم والمغارم التي أرهقت كاهل
عباد الله، إني مسافر إلى حرم الله لبسط أحكام الشريعة وتأييدها، فلن يكون هناك بعد اليوم سلطان إلاَّ للشرع " [٤٤] .
ويذكر الأحيدب عن تمسُّك الملك عبد العزيز - رحمه الله - بالإسلام وشدَّة خوفه من الله، وتنفيذه للشريعة فيقول:"إنَّه لم يفرِّط في أي ركنٍ من أركان الإسلام طول حياته، وأنَّ مجالسه الصباحية والمسائية كانت عامرة بذكر الله من الدروس الدينية في الحديث والتفسير، والحكم الإسلامية، وأنَّه كان يرتجف خشيةً من الله حين يقول له أيُّ فرد من راعاياه (خف الله يا عبد العزيز) لأنَّه كان خاضعاً للشريعة السمحة، حريصاً على تنفيذ أحكامها، متمسِّكاً بها، مؤمناً بأنَّ خير المسلمين، بل خير البشر أجمعين، في اتِّباع تعاليم الإسلام وأخلاقه وهدايته"[٤٥] .