وبتطبيق الحدود تمكَّن الملك عبد العزيز من استئصال الجريمة في المجتمع، وعاش النَّاسُ في أمنٍ وعدلٍ منقطع النَّظير. بعد أنْ كانت الجزيرة العربية مسرحاً للفوضى والنَّهب والسَّلب وقطع الطريق، إذ أصبح كُلُّ مَنْ فيها آمناً على نفسه مطمئناً على أهله وماله، يشهد لذلك كُلُّ مقيم على أرضها.
ومن أجل سلامة تطبيق الشريعة الإسلامية، أنشأ الملك عبد العزيز - رحمه الله - رئاسة القضاء، وكان من مسؤولياتها تدقيق الأحكام الشرعية الواردة إليها ... ويهدف هذا الإجراء إلى التأكُّد من أنَّ كُلَّ حكم يتخذ فيما يتعلَّق بالحدود، يتمُّ وفق تعاليم الشريعة الإسلامية.
وأودُّ أن أُؤكِّد مرّةً أخرى بأنَّ سِرَّ نجاح الملك عبد العزيز - رحمه الله - في إقامة هذه المملكة المباركة، وهذا الكيان الكبير، يعود في المقام الأول - بعد توفيق الله تعالى وفضله - إلى رغبة الملك عبد العزيز الصادقة والمخلصة في قيام دولة تلتزم العقيدة الصحيحة، وتنفِّذ الشريعة، وتقيم الجهاد، فكان له ما أراد، وسار أبناؤه البررة من بعده على نفس المنهاج.
المبحث السابع: الأخذ بمبدأ الشورى:
ومن الأُسُس التي انتهجها الملك عبد العزيز - رحمه الله - وقامت عليها المملكة العربية السُّعُودِيَّة، الأخذ بمبدأ الشُّورى، والاسترشاد بآراء العلماء وأصحاب الخبرة.
ومن الأدلَّة على أهمية الشورى ووجوبها قوله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمر فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}[٤٩] .